للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العراق إذ هو من بني عبد مناف، فنظرت في بني عبد مناف فلم أجد أحداً يصلح لهذا الأمر غير عتبة بن ربيعة. فلما أخبرتني بسنه عرفت أنه ليس له حين جاوز الأربعين، ولم يوح إليه. قال أبو سفيان: فضرب الدهر ضربه، وأوحي إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وخرجت في ركب من قريش أريد اليمن في تجارة، فمررت بأمية بن أبي الصلت فقلت له كالمستهزىء به: يا أمية، قد خرج النبي الذي كنت تنتظر، قال: أما إنه حق فاتبعه. قلت: ما يمنعك من اتباعه؟ قال: ما يمنعني إلا استحياء من نُسَيّات ثقيف. إني كنت أحدثهن أني هو، ثم يرونني تابعاً لغلام من بني عبد مناف، ثم قال أمية: وكأني بك يا أبا سفيان إن خالفته قد ربطت كما يربط الجدي حتى يؤتى بك إليه، فيحكم فيك ما يريد.

بلغ معاوية أن ابن الزبير يشتمه أبا سفيان فقال: بئس لعمر الله ما يقول في عمه. لكني لا أقول في أبي عبد الله رحمة الله عليه إلا خيراً، أن كان لامرأ صالحاً. خرج أبو سفيان إلى بادية له مردفاً هنداً، وخرجت أسير أمامهما وأنا غلام على حمارة لي إذ لحقنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال أبو سفيان: انزل يا معاوية حتى يركب محمد، فنزلت عن الحمارة، وركبها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسار أمامهما هنيهة ثم التفت إليهما فقال: يا أبا سفيان بن حرب ويا هند بنة عتبة، والله لتموتن ثم لتبعثن ثم ليدخلن المحسن الجنة والمسيىء النار. ون ما أقول لكم لَحقّ، وإنكم لأول ن أنذرتم، ثم قرأ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " حم تَنْزِلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحيم " حتى بلغ " قَالَتا أَتَيْنَا طَائِعِينَ " فقال له أبو سفيان: أفرغت يا محمد؟ قال: نعم، ونزل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الحمارة وركبتها، وأقبلت هند على أبي سفيان وقالت: ألهذا الساحر الكذاب أنزلت ابني؟ قال: لا، والله ما هو بساحرا ولا كذاب.

حدث أبو ميسرة أن غلاماً من بني المغيرة شدّ فاطمة بن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهي جويرية - فنادت: يا آل عبد مناف فخرج أبو سفيان يشتد أول الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>