للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أقام بها شهراً، فصالح بها بني مدلج وحلفائهم من بني ضمرة، فوادعهم، فقال له علي بن أبي طالب: هل لك يا أبا اليقظان أن تأتي هؤلاء نفر من بني مدلج، يعملون في عين لهم ننظر كيف يعملون؟ فأتيناهم، فنظرنا إليهم ساعة، ثم غشينا النوم فعمدنا إلى صور من النخل في دقعاء من الأرض، فنمنا فيه، فوالله ما أهبّنا إلاّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقدمه، فجلسنا وقد تترّبنا من تبك الدقعاء فيومئذٍ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي: " يا أبا تراب "، لما عليه من التراب. فأخبرناه بما كان من أمرنا فقال: " ألا أخبركما بأشقى الناس رجلين؟ " قلنا: بلى، يا رسول الله، فقال: " أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا علي على هذه فوضع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يده على رأسه حتى يبلّ منها هذه، ووضع يده على ليحته ".

وعن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " من أشقى ثمود؟ " قالوا: عاقر الناقة، قال: " فمن أشقى هذه الأمة؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: " قاتلك يا علي ".

وعن عمرو بن أبي جندب قال: مرّ بنا علي بصفين وليس معه أحد، فقال له سعيد: أما تخشى أن يغتالك عدو، فإني لا أرى معك أحداً؟ قال: إن لكل عبدٍ حفظة يحفظونه، لا يخرّ عليه حائط، أو يتردّى في بئر حتى إذا جاء القدر الذي قدّر له خلت عنه الحفظة، فأصابه ما شاء الله أن يصيبه.

وعن أبي نصر قال: كنا جلوساً حول سيدنا الأشعث بن قيس إذ جاء رجل بيده عنزة، فلم نعرفه، وعرفه. قال: أمير المؤمنين؟ قال: نعم، قال: تخرج هذه الساعة، وأنت رجل محارب؟! قال: إن عليّ من الله جنّة حصينة، إذا جاء القدر لم تغن شيئاً. إنه ليس من الناس أحد إلاّ وقد وكّل به ملك، ولا تريده دابة ولا شيء إلاّ قال: اتّقه، اتّقه، فإذا جاء القدر خلا عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>