ذروهنّ فإنهنّ نوائح، فضربه ابن ملجم، فقيل: يا أمير المؤمنين، خلّ بيننا وبين مراد، فلا نقوم لهم راعية أو راغبة أبداً، قال: لا، ولكن احبسوا الرجل، فإن أمت فاقتلوه، وإن أعش فالجروح قصاص.
وعن الأصبغ الحنظلي قال: لما كانت الليلة التي أصيب فيها علي أتاه ابن النّبّاح حين طلع الفجر يؤذن بالصلاة، وهو مضطجع، فتثاقل فعاد إليه ثانية، وهو كذلك، ثم عاد الثالثة، فقام علي يمشي وهو يقول:
شدّ حيازيمك للموت ... فإنّ الموت لاقيكا
ولا تجزع من الموت ... إذا حلّ بواديكا
فلما بلغ الباب الصغير شدّ عليه عبد الرّحمن بن ملجم، فضربه، فخرجت أم كلثوم بنت علي فجعلت تقول: ما لي ولصلاة الغداة؟ قتل زوجي أمير المؤمنين صلاة الغداة، وقتل أبي صلاة الغداة.
قال أبو عون الثقفي: كنت اقرأ على أبي عبد الرحمن السلمي، وكان الحسن بن علي يقرأ عليه. قال أبو عبد الرّحمن: فاستعمل أمير المؤمنين عليٌّ رجلاً من بني تميم يقال له: حبيب بن مرّة على السّواد، وأمره أن يدخل الكوفة من بالسواد من المسلمين، فقلت للحسن بن علي: إن لي ابن عم في السواد يحب أن يقوم مكانه، فقال لي: تغدو غداً على كتابك وقد ختم، فغدوت من الغد فإذا الناس يقولون: قتل أمير المؤمنين، قتل أمير المؤمنين، فقلت للغلام: أنفذ بي إلى القصر، فدخلت القصر، فإذا الحسن بن علي قاعد في مسجد في الحجرة، وإذا صوائح، فقال: ادن إلي يا أبا عبد الرّحمن، فجلست إلى جنبه، فقال لي: خرجت البارحة وأمير المؤمنين يصلي في هذا المسجد، فقال لي: يا بنيّ، إنّي بتّ البارحة أوقظ أهلي، لأنها ليلة الجمعة، صبيحة بدر لسبع عشرة من رمضان، فملكتني عيناي، فسنح لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله، ماذا لقيت من أمتك من الأود واللّدد