للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر وأخته: نرجو أن تكون دعوة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعمر، فكانت. فأقبل عمر حتى انتهى إلى باب أخته ليغير عليها ما بلغه من إسلامها، فإذا خبّاب بن الأرتّ عند أخت عمر يدرس عليها " طه " وتدرس عليه " إذا الشّمس كوّرت ". وكان المشركون يدعون المدارسة: الهينمة. فلما رأته أخته عرفت الشرّ في وجهه فخبأت الصحيفة، وزاغ خباب فدخل البيت، فقال عمر لأخته: ما هذه الهينمة في بيتك؟ قالت: ما عدا حديثاً نتحدث به بيننا، فعذلها، وحلف ألا يخرج حتى يتبين شأنها، فقال له زوجها سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل: إنك لا تستطيع أن تجمع الناس على هواك يا عمر، وإن كان الحق سواه، فبطش به عمر، فوطئه وطئاً شديداً وهو غضبان، فقامت إليه أخته تحجزه عن زوجها فنفحها عمر بيده، فشجّها. فلما رأت الدم قالت: هل تسمع يا عمر؟ أرأيت كل شيء بلغك عني مما تذكره من تركي آلهتك، وكفري باللات والعزى فهو حق. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، فائتمر أمرك، واقض ما أنت قاض. فلما رأى ذلك عمر سقط في يده، فقال عمر لأخته: أرأيت ما كنت تدرسين أعطيك موثقاً من الله لا أمحوها حتى أردها إليك، ولا أرتبك فيها؟ فلما رأت ذلك أخته، ورأت حرصه على الكتاب رجت أن تكون دعوة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم له قد لحقت، فقالت: إنك نجس، و" لا يمسّه إلاّ المطهّرون "، ولست آمنك على ذلك، فاغتسل غسلك من الجنابة، وأعطني موثقاً تطمئن إليه نفسي، ففعل عمر، فدفعت إليه الصحيفة، وكان عمر يقرأ، فقرأ: " طه " حتى بلغ إلى قوله " فتردّى " و" إذا الشّمس كوّرت " حتى بلغ " علمت نفسٌ ما أحضرت "، فأسلم عند ذلك عمر، فقال لأخته وختنه: كيف الإسلام؟ قالا: تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله. وتخلع الأنداد، وتكفر باللات والعزى، ففعل ذلك عمر. وخرج خباب، فكبّر خباب وقال: أبشر يا عمر بكرامة الله، فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد دعا لك أن يعزّ الله الإسلام بك، قال عمر: فدلّوني على المنزل الذي فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدلّه خبّاب عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>