للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كانت قريش إذا سمعوا بشأن محمد بما ذكر لهم الراهب وعداس قالوا: فلعله مجنون، وخاضوا في ذلك، فوافق ذلك قول ورقة بن نوفل، ففي ذلك أنزل الله عز وجل: " فستبصر ويبصرون بأيكم الفتون ".

فلما رجعت خديجة إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبرته بالذي ذكر ورقة.

فقال لها نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كلا والذي اختصني بالنبوة ما بي جنون، وإنه لجبريل أتاني، فأخبرني بالذي خاضت فيه قريش وبقول ورقة، فأقرأ نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على خديجة هذه الآيات.

فقالت: الحمد لله كثيراً، قد زادني هذا يقيناً مع ما كنت فيه من اليقين، ثم قالت له: أحب أن تلقى ورقة، فتخبره بهذه الآيات لعل الله يقبل بقلبه، فإنه رجل قد أعطي علماً، وهو يقرأ الكتب.

فأتاه، فلما أبصره ورقة رأى له هيبة وكمالاً لم يكن يراه قبل ذلك.

فقال له ورقة: يا بن أخي، حدثني: ما رأيت؟ وما قيل لك؟ فإني أرى لك هيبة لم أكن أراها، ولا أراك إلا صادقاً، فحدثني عن الذي أتاك، في نور أتاك أو في ظلمة؟ وصف لي صفته، فإنه نعت لي، ولن يخفى علي، أهو هو أو غيره، إن شاء الله.

فأخبره نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصفة جبريل، وبما رأى من هيبة.

فقال له ورقة: أشهد أن هذا جبريل، فحدثني ما قال لك؟ فأخبره كيف وضع يده على صدره وبين كتفيه؛ فازداد ورقة يقيناً، وأقرأ عليه الآيات التي أقرأه جبريل، وقرأ: " ن والقلم ".

فقال له ورقة: أشهد أن هذا كلام الله، فهل أمرك بشيء تبلغه قومك؟ فقال له: لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>