المعنى، وكان أحسن طبقته تشبيهاً؛ وأحسن الإسلام تشبيهاً ذو الرمة.
قال أبو عبيدة: ذهبت اليمن بجد الشعر وهزله؛ فجده امرؤ القيس، وهزله أبو نواس.
سئل الفراء يحيى بن زياد القيسي النحوي عن أشعر العرب؟ فأبى أن يقول، فقيل له: إنك لهذا موضع فقل، فقال: كان زهير بن أبي سلمى واضح الكلام، مكتفية بيوته، البيت منها بنفسه كافٍ، وكان جيد المقاطع، وكان النابغة جزل الكلام حسن الابتداء والمقطع، يعرف في شعره قدرته على الشعر، لم يخالطه ضعف الحداثة.
وكان امرؤ القيس شاعرهم الذي علم الناس الشعر والمديح والهجاء بسبقه إياهم، وإنه إن كان خارجاً من حد الشعراء ينوفهم وكان لطرفة شيء ليس بالكثير، وليس كما يذهب إليه بعض الناس لحداثته، وكان لو متع بسنٍّ حتى يكبر معه شعره، كان خليقاً أن يبلغ المبالغ.
وكان الأعشى يضع لسانه من الشعر حيث شاء، وكان الحطيئة نقي الشعر، قليل السقط، حسن الكلام مستويه، وكان لبيد وابن مقبل يجريان مجرىً واحداً في خشونة الكلام وصعوبته.
وليس ذلك بمحمودٍ عند أهل الشعر، وأهل العربية يشتهونه لكثرة غريبه، وليس يجود الشعر عند أهله حتى يكون صاحبه يقدر على تسهيله وإيضاحه؛ فإذا نزلت عن هؤلاء فجرير والفرزدق، فهما اللذان فتقا الشعر وعلما الناس، وكادا يكونان خاتمي الشعر.
وكان ذو الرمة مليح الشعر يشبه فيجيد ويحسن، ولم يكن هجاءً ولا مداحاً، وليس الشاعر إلا من هجا فوضع، أو مدح فرفع، كالحطيئة والأعشى فإنهما كانا يرفعان ويضعان، ثم قال الفراء: والله الرافع والواضع.
قال ابن الكلبي: لما أقبل امرؤ القيس بن حجر يريد بني أسد ثائراً بأبيه، وكان مرثد بن علس بن ذي حزن ملك جهينة قد أمده بخمس مائة رجل من حمير رماة، فسار حتى مر بتبالة وبها ذو الخلصة، وكانت العرب كلها تعظمه، فدخل امرؤ القيس عليه وعنده قداح له ثلاثة: الآمر والناهي والمتربص، يستسقم في قتال بني أسد، فخرج