قال أبو سليمان: هذا لا وجه له، ولا موضع لاستعماله فيمن لا فصاحة له، وإنما أريد بالعور ههنا: غموض المعاني ودفنها من قولك: عورت الركية إذا دفنتها، وركية عوراء، قال الشاعر:" من الزجر "
ومنهل أعور إحدى العينين ... بصيرة الأخرى أصم الأذنين
جعل العين التي تنبع بالماء بصيرة، وجعل المندفنة عوراء، فالمعاني العور على هذا: هي الباطنة الخفية.
كقولك: هذا كلام معمى: أي غامض غير واضح.
أراد عمر أنه قد غاص على معان خفية على الناس، فكشفها لهم.
وذلك كما أجمعت عليه الرواة، من سبقه إلى معان كثيرة لم يحتذ فيها على مثال متقدم: كابتدائه في القصيدة بالنسيب، والبكاء في الأطلال، والتشبيهات المصيبة، والمعاني المقتضبة التي تفرد بها، فتبعه الشعراء عليها، وامتثلوا رسمه فيها.
قال يونس بن حبيب: علماء البصرة يقدمون امرأ القيس بن حجر، وأله الكوفة يقدمون الأعشى، وأهل الحجاز والبادية يقدمون زهيراً والنابغة.
قال ابن سلام: واحتج لامرئ القيس من يقدمه، وليس أنه قال ما لم يقولوا، ولكنه سبق العرب إلى أشياء ابتدعها، استحسنتها العرب واتبعته فيها الشعراء، منه: استيقاف صحبه، والبكاء في الديار، ورقة النسيب، وقرب المأخذ، وتشبيه النساء بالظباء والبيض، وتشبيه الخيل بالعقبان والعصي وقيد الأوابد، وأجاد في التشبيه، وفصل بين النسيب وبين