عن قتادة قال: إن يونس عليه السلام لقي راعياً من أهل نينوى بعد أن كشف الله عنهم العذاب، فقال له: أنا يونس، فقال الراعي: هات بينة على ما تقول؛ فإني من قوم إذا حدث رجل منه فكذب قتل. قال: هذه الشاة تشهد لك، وهذه الشجرة. فشهدتا له بذلك، فملكوه.
وعن الحسن قال:
فرجع يونس، فمر بارع من رعاة قومه، فقال له: ما فعل يونس؟ قال: لا ندي ما حاله، غير أنه كان خير الناس، وأصدق الناس؛ وأخبرنا عن العذاب فجاءنا على ما قال، فتبنا إلى الله، فرحمنا. ونحن نطلب يونس، ما ندري أين هو، ولا نسمع له بذكر. فقال له يونس: هل عندك لبن؟ قال: والذي أكرم يونس ما أمطرت السماء، ولا أعشبت الأرض منذ فارقنا يونس. فقال: ائتني بنعجة، فمسح يده على بطنها، ثم قال: دي بإذن الله، فدرت لبناً، فاحتلبها يونس، فشرب يونس والراعي، فقال له الراعي: إن كان يونس حياً فأنت هو، قال: فإني أنا يونس، فأت قومك، فأقرهم مني السلام، قال الراعي: إن الملك قد قال: من أتاني فأعلمني أنه رأى يونس، وجاءني على ذلك ببرهان جعلت له عليه ملكي، وجعلته مكاني، ولا أستطيع أبلغه ذلك إلا بحجة، فإني أخاف أن يقال لي: إنما فعلت هذا القول للملك. قال يونس: تشهد الشاة التي شربت من لبنها. فقال: ما يمنعك يا نبي الله أن تأتيهم، فتسلم عليهم؟ قال: لا يروني أبداً.
وعن الحسن: أنه رجع إليهم! وذلك أن الراعي انطلق، فنادى في المدينة بصوت رفيع حزين: ألا إن رسول الله يونس بن متى قد رأيته. فاجتمع الناس، وكذبوه، فقال: إن لي بينة، واستشهد الشاة أنه رآه، فاطلق الله لسانها، فقالت: نعم، وشرب من لبني، وأمرني أن أشهد لك. ثم انطلق بهم إلى الصخرة، فقال لها: أيتها الصخرة، نشدتك بالذي كشف عنا العذاب، هل رأيت يونس؟ قالت: نعم، وأمرني أن أشهد لك، وإنه لتحت ظلي الساعة، فانحدروا في الوادي، فإذا هم بيونس قائماً يصلي، فاحتملوه، ورفعوا أصواتهم