قال أبو الحسن بن سمعون: قال لي الشبلي: كنت باليمن، وكان باب دار الإمارة رحبةً عظيمة، وفيها خلق كثير قيام ينظرون إلى منظرة، فإذا قد ظهر من المنظرة شخص أخرج يده كالمسلم عليهم، فسجدوا كلهم. فلما كان بعد سنين كنت بالشام، وإذا تلك اليد قد اشترت لحماً بدرهم، وحملته. فقلت له: أنت ذلك الرجل؟ قال: نعم، من رأى ذاك، ورأى هذا لا يغتر بالدنيا.
وقال: سمعت الشبلي يقول: كنت في قافلة الشام، فخرج الأعراب فأخذوها، وأميرهم جالس يعرضون عليه. فخرج جراب فيه لوز وسكر، فأكلوا منه إلا الأمير فما كان يأكل، فقلت له: لم لا تأكل؟ قال: أنا صائم، قلت: تقطع الطريق، وتأخذ الأموال، وتقتل النفس وأنت صائم؟! قال: يا شيخ، أجعل للصلح موضعاً.
فلما كن بعد حين رأيته يطوف حول البيت وهو محرم كالشن البالي. فقلت: أنت ذاك الرجل؟ فقال: ذاك الصوم بلغ بي إلى هذا.
قال أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي: دلف بن جعبر، ويقال: دلف بن جحدر، ويقال: دلف بن جعفر. ويقال: إن اسم الشبلي جعفر بن يونس. سمعت الحسين بن يحيى الشافعي يذكر ذلك، وهكذا رأيته على قبره مكتوباً ببغداد. وأظن أن الأصح: دلف بن جحدر.
وأبو بكر الشبلي أصله من أشروسنة، ومولده بسر من رأى.