قال أبو الخير زيد بن رفاعة الهاشمي: دخل أبو بكر بن مجاهد على أبي بكر الشبلي، فحادثه، وسأله عن حاله. فقال ابن مجاهد: نرجو الخير؛ يختم في كل يوم بين يدي ختمتان وثلاث. فقال له الشبلي: أيها الشيخ قد ختمت في تلك الزاوية ثلاثة عشر ألف ختمة إن كان فيها شيء قبل فقد وهبته لك، وإني لفي درسه منذ ثلاث وأربعين سنة ما انتهيت إلى ربع القرآن.
قال أبو بكر محمد بن عمر: كنت عند أبي بكر أحمد بن موسى بن مجاهد المقرئ، فجاء الشبلي، فقام إليه أبو بكر بن مجاهد، فعانقه، وقبل بين عينيه، فقلت له: يا سيدي، تفعل هذا بالشبلي، وأنت وجميع من ببغداد يتصورونه بأنه مجنون؟؟! فقال لي: فعلت كما رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل به؛ وذاك أني رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام وقد أقبل الشبلي، فقام إليه، وقبل بين عينيه، فقلت: يا رسول الله، أتفعل هذا بالشبلي؟ قال لي: نعم، هذا يقرأ بعد صلاته:" لقد جاءكم رسولٌ مِنْ أَنْفُسِكُم " الآية، ويتبعها بالصلاة علي.
قال الخطيب: سمعت أبا القاسم عبيد الله بن عبد الله بن الحسن الخفاف المعروف بابن النقيب يقول:
كنت يوماً جالساً بباب الطاق أقرأ القرآن على رجل يكنى بأبي بكر المعيمش، وكان ولياً لله، فإذا بأبي بكر الشبلي قد جاء إلى رجل يكنى بأبي الطيب الجلاء، وكان من أهل العلم، فسلم عليه، وأطال الحديث معه، وقام لينصرف. فاجتمع قوم إلى أبي