حول البئر على رأس الماء، فقلت في نفسي: قد أمرت في بأمر، مرحباً بحكم الله. فلما بلغت إلى عندي قاءت، فرمت شيئاً أصفر، كأنه صفرة البيض على وجه الماء. ومرت الحية، ورجعت في الثقب، فقلت: هذا، ما أشك، هو رزقي، فمسسته، وإذا فيه لين، فأخذته، وتذوقته، وإذا طعمه طيب، فأكلته، فوجدت فيه شبعاً. فلما كان اليوم الثاني إذا بالحية قد خرجت من الثقب، ودارت في البئر على رأس الماء حتى بلغت إلى عندي، فقاء مثل ذلك، فأخذته، وأكلته. فأقمت على هذا ثلاثة أيام، فكأني أنست بالموضع، وغمني فوات الصلوات. فخرجت الحية يوم الرابع، وانسابت في الحائط حتى صار رأسها عند رأس البئر، وذنبها في آخر البئر، وذنبها في آخر البئر، فثبتت رأسها، فوقع لي أنها تقول: تمسك بي، فتعلقت بها، وإذا هي قد رفعتني إلى رأس البئر.
وخرجت، ودخلت إلى البصرة، وجئت إلى الفقراء، فحدثتهم، فدعوا لي دعاء رأيت بركته، ثم صرت إلى أهلي، فحدثتهم بقصتي.
قال أبو عبد الرحمن السلمي: أبو جعفر الحداد الكبير، بغدادي، من أقران الجنيد، ورويم، وكان أستاذ أبي جعفر الحداد الصغير.
قال أبو جعفر الحداد:
أشرف علي أبو تراب يوماً وأنا جالس على بركة في البادية، فيها ماء، ولي ستة عشر يوماً لم آكل، ولم أشرب من البركة، وأنا جالس. فقال لي: ما جلوسك؟ قلت: أنا بين العلم واليقين، أنظر من يغلب فأكون معه، فقال: سيكون لك شأن من الشأن.
وقال: مكثت بضع عشرة سنة أعتقد التوكل، وأنا أعمل في السوق، وآخذ كل