البلاد مثل قوم مقيمين في بلادهم؟ فلو أن الهجرة كانت بصنعاء ما هاجر من لخم وجذام أحد! فقال أبو حديرة: إن الله وضعنا في بلاده بحيث شاء، ثم ساق إلينا الهجرة، فأسلمنا، وقاتلنا، ونصرنا، فذلك الذي يقطع بحظنا! فقال عمر: لكم حظكم مع المسلمين.
عن يزيد بن أبي حبيب أن أبا الخير حدثه: أن عبد العزيز بن مروان قال لكريب بن أبرهة: أحضرت عمر بن الخطاب بالجابية؟ قال: لا، قال: فمن يحدثنا عنها؟ قال كريب: إن بعثت إلى سفيان بن وهب الخولاني حدثك عنها. فأرسل إليه، فقال: حدثني عن خطبة عمر بن الخطاب يوم الجابية.
قال سفيان: إنه لما اجتمع الفيء أرسل أمراء الأجناد إلى عمر بن الخطاب أن يقدم بنفسه، فقدم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإن هذا المال نقسمه على من أفاء الله عليه بالعدل إلا هذين الحيين من لخم وجذام، فلا حق لهم فيه. فقام إليه أبو حديرة الأجذمي، فقال: ننشدك الله يا عمر في العدل! فقال عمر: العدل أريد: أنا أجعل أقواماً أنفقوا في الظهر، وشدوا الغرض، وساحوا في البلاد مثل قوم مقيمين في بلادهم؟ ولو أن الهجرة كانت بصنعاء أو عدن ما هاجر إليها من لخم وجذام أحد! فقام أبو حديرة، فقال: إن الله وضعنا من بلاده حيث شاء، وساق إلينا الهجرة في بلانا، فقبلناها، ونصرناها، أفذلك يقطع حقنا يا عمر؟ قال: لكم حقكم مع المسلمين. ثم قسم، فكان للرجل نصف دينار. فإذا كانت معه امرأته أعطاه ديناراً. ثم دعا ابن قاطوراء صاحب الأرض، فقال: أخبرني ما يكفي الرجل من القوت في الشهر، وفي اليوم. فأتي بالمدي والقسط، فقال: يكفيه هذان المديان في الشهر، وقسط زيت، وقسط خل.