للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنين كحفظي لسورة الحمد، قال: فهاته، قال: نعم، كأني بها يا أمير المؤمنين في ذلك اليوم وهي كالفحل يهدر في شقشقته تقول:

" يا أيها الناسُ اتقوا ربَّكم إنّ زَلْزَلةَ الساعةِ شيءٌ عظيم ". إن الله قد أوضح الحق، وأبان الدليل، ونور السبيل، ورفع العلم، فلم يدعكم في عمياء مبهمة، ولا شعواء مدلهمة، فإلى أين تريدون رحمكم الله؟ أفراراً عن أمير المؤمنين، أم رغبةً عن الإسلام، أم ارتداداً عن الحق؟! أما سمعتم الله يقول: " ولَنَبْلُوَنّكُمْ حتّى نَعْلَمَ المجاهدين منكم والصابرين، ونبلوَ أخبارَكُم ". ثم رفعت رأسها إلى السماء وهي تقول: اللهم إنه قد عيل الصبر، وضعف اليقين، وانتشرت الرغبة، وبيدك اللهم أزمة القلوب، فاجمع اللهم الكلمة على التقوى، وألف القلوب على الهدى، وأردد الحق إلى أهله، هلموا رحمكم الله إلى الإمام العادل، إنها أحن بدرية، وضغائن أحدية، وأحقاد جاهلية، وثب بها معاوية حين الغفلة ليدرك بثارات بني عبد شمس. ثم قالت: " قاتِلُوا أَئِمّةَ الكُفْرِ إنّهم لا أَيْمان لهم لعلّهم ينتهون ". صبراً معاشر المهاجرين والأنصار، قاتلوا على بصيرة من ربكن، وثبات من دينكم، فكأني بكم غداً قد لقيتم أهل الشام كحمر مستنفرة. لا تدري ما يسلك بها من فجاج الأرض، باعوا الآخرة بالدنيا، واشتروا الضلالة بالهدى، وباعوا البصيرة بالعمى و" عمّا قَليلٍ ليُصْبِحُنّ نادمين "، حين تحل بهم الندامة، فيطلبون الإقالة، " ولاتَ حينَ مناص ". إنه والله من ضل عن الحق وقع في الباطل، ومن لم يسكن الجنة نزل النار. أيها الناس، إن الأكياس استقصروا عمر الدنيا فرفضوها، واستطالوا مدة الآخرة فسعوا لها. والله أيها الناس لولا أن يبطل الحق، ويظهر الظالمون، وتقوى كلمة الشيطان لما اختاروا ورود المنايا على خفض العيش وطيبه. إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>