للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن منده: ويقال: إن اسم أبي ذر جنادة بن السكن.

قال أبو نعيم: اختلف في اسمه ونسبه، وكان يتعبد قبل مبعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بثلاث سنين، يقوم بالليل مصلياً، حتى إذا كان آخر الليل سقط كأنه خرقة، ثم أسلم بمكة في أول الدعوة، وهو رابع الإسلام، وهو أول من حيا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتحية الإسلام، وبايع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ألا تأخذه في الله لومة لائم، ثم كان يشبه بعيسى بن مريم عبادةً ونسكاً، لم يتلوث بشيء من فضول الدنيا حتى فارقها. ثبت على العهد الذي بايع عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من التخلي عن فضول الدنيا، والتبرئ منها؛ كان يرى إقبالها محنةً وهواناً، وإدبارها نعمةً وامتناناً. حافظ على وصية الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له في محبة المساكين ومجالستهم، ومباينة المكثرين في مفارقتهم. كان يخدم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا فرغ منه أوى إلى مسجده، واستوطنه. سيد من آثر العزلة والوحدة، وأول من تكلم في علم الفناء والبقاء. كان وعاءً ملئ علماً فربط عليه.

كان رجلاً آدم طويلاً أبيض الرأس واللحية، توفي بالربذة، فولي غسله وتكفينه والصلاة عليه عبد الله بن مسعود في نفر كان منهم حجر بن الأدبر، سنة اثنتين وثلاثين، ودفن بها. وكان يؤاخي سلمان الفارسي. لم تقل الغبراء، ولم تظل الخضراء على ذي لهجة أصدق منه.

عن رجل من بني عامر قال: كنت كافراً فهداني الله إلا الإسلام، وكنت أعزب عن الماء، ومعي أهلي، فتصيبني الجنابة، فوقع ذلك في نفسي، وقد نعت لي أبو ذر، فحججت، فدخلت مسجد منىً، فعرفته، فالتفت، فإذا شيخ معروق آدم عليه قطري.

<<  <  ج: ص:  >  >>