للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالخير، وينهى عن الشر، فقلت: لم تشفني من الخبر. فأخذت جراباً وعصا ثم أقبلت إلى مكة، فجعلت لا أعرفه، وأكره أن أسأل عنه، وأشرب من ماء زمزم، وأكون في المسجد. فمر علي فقال: كأن الرجل غريب؟ قلت: نعم، قال: فانطلق إلى المنزل، فانطلقت معه، لا يسألني عن شيء، ولا أخبره. فلما أصبحت غدوت إلى المسجد لأسأل عنه، وليس أحد يخبرني عنه بشيء، فمر بي علي فقال: ما آن للرجل أن يعود؟ قلت: لا، قال: ما أمرك، وما أقدمك هذه البلدة؟ قلت: إن كتمته علي أخبرتك، قال: فإني أفعل. قلت: بلغنا أنه قد خرج رجل يزعم أنه نبي، فأرسلت أخي ليكلمه، فرجع ولم يشفني من الخبر، فأردت أن ألقاه.

قال: أما إنك قد رشدت لأمرك، هذا وجهي إليه فاتبعني، فادخل حيث أدخل، فإني إن رأيت أحداً أخافه عليك قمت إلى الحائط. وامض أنت. قال: فمضى، ومضيت معه حتى دخل، ودخلت معه على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: يا رسول الله، اعرض علي الإسلام، فعرضه علي، فأسلمت مكاني، فقال لي: يا أبا ذر، أكتم هذا الأمر وارجع إلى بلدك، فإذا بلغك ظهورنا فأقبل. قلت: والذي بعثك بالحق لأصرخن ما بين أظهركم. فجاء إلى المسجد وقريش فيه، فقال: يا معشر قريش، إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فقالوا: قوموا إلى هذا الصابئ، فقاموا، فضربت لأموت، وأدركني العباس، فأكب علي ثم قال: ويحكم! تقتلون رجلاً من غفار، ومتجركم، وممركم على غفار؟ فأقلعوا عني، فلما أصبحت الغد رجعت، فقلت ما قلت بالأمس، فقالوا: قوموا إلى هذا الصابئ. فضربوني، وأدركني العباس، فأكب علي.

قال: فكان هذا أول إسلام أبي ذر.

عن خفاف بن إيماء بن رحضة قال: كان أبو ذر رجلاً يصيب الطريق، وكان شجاعاً ينفرد وحده بقطع الطريق،

<<  <  ج: ص:  >  >>