قال المدائني: قال عمر بن الخطاب لأبي ذر: يا أبا ذر، من أنعم الناس بالاً؟ قال: برئ في الثواب، قد أمن من العقاب فبشر بالثواب. قال: صدقت يا أبا ذر.
وأسند ابن أبي الدنيا عن بعضهم قال: جاء غلام لأبي ذر وقد كسر رجل شاة له، فقال له أبو ذر: من كسر رجل هذه الشاة؟ قال: أنا، قال: ولم؟ قال: لأغيظك، لتضربني، فتأثم. فقال أبو ذر: لأغيظن من حرضك على غيظي! فأعتقه.
قالت أم طلق: دخلت على أبي ذر فرأيته شعثاً شاحباً بيده صوف، قد جعل عودين وهو يغزل به ذلك الصوف، فنظرت يمنةً ويسرة فلم أر في بيته شيئاً، فناولته شيئاً من دقيق وسويق، فجعله في طرف ثوبه، فقال: أما ثوابك فعلى الله.
وفي رواية: رأيته شعثاً شحباً، وفي يده صوف منفوش وعودان، قد وضع أحدهما على الآخر، وهو يغزل ذلك الصوف.
قال عيسى بن عميلة الفزاري: أخبرني من رأى أبا ذر يحلب غنيمةً له، فيبدأ بجيرانه وأضيافه قبل نفسه، ولقد رأيته ليلة حلب حتى ما بقي في ضروع غنمه شيء إلا مصره، وقرب إليهم تمراً وهو يسير، ثم تعذر إليهم، وقال: لو كان عندنا ما هو أفضل من هذا لجئنا به. قال: وما رأيته ذاق تلك الليلة شيئاً.