مال عظيم، وجوهر وحشم كثير فأتته المرأة، فعرضت ذلك عليه فأنعم لها، فدفعت إليه المال، فخطبها من أخيها، فزوجها إياه، فأرسل إليها بصداقها خمس مئة دينار، وأهدى إليها مئتين دينار، ودخل عليها.
دخل خالد بن صفوان التميمي على أبي العباس، وليس عنده أحد، فقال: يا أمير المؤمنين، ما زلت مذ قلدك الله الخلافة، أطلب أن أصير إلى مثل هذا الموقف في الخلوة، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بإمساك الباب حتى أفرغ فعل. فأمر بذلك. فقال: يا أمير المؤمنين، إني فكرت في أمرك، وأجلت الفكر فيك، فلم أر أحداً له مثل ما قلدك أقل اتساعاً بالاستمتاع بالنساء منك، ولا أضيق فيهن عيشاً، إنك ملكت نفسك امرأة من نساء العالمين، واقتصرت عليها، فإن مرضت مرضت، وإن غابت غبت، وإن عركت عركت، وحرمت نفسك من التلذذ باستطراف الجواري، وبمعرفة اختلاف أحوالهن، والتلذذ بما يشتهى منهن. إن منهن الطويلة التي تشتهى لحسنها، والبيضاء التي تحب لروعتها، والسمراء اللعساء، والصفراء العجزاء، ومولدات المدينة والطائف واليمامة، ذوات الألسن العذبة، والجواب الحاضر، وبنات سائر الملوك، وما يشتهى من نظافتهن، وحسن أنسهن. وأطنب في صفات ضروب الجواري، وشوقه إليهن. فلما فرغ خالد قال: ويحك، ما سلك مسامعي كلام قط أحسن من هذا، أعده علي. فأعاد خالد كلامه بأحسن مما ابتدأه. فقال له: انصرف. وبقي أبو العباس متفكراً يقسم أمره، فبينا هو يفكر إذ دخلت عليه أم سلمة وكان أبو العباس حلف ألا يتخذ عليها ووفى لها فلما رأته مفكراً متغيراً قالت له: هل حدث أمر تكرهه، أو أتاك خبر ارتعت له؟ قال: لا، والحمد لله. ولم تزل تستخبره حتى أخبرها بمقالة خالد. قالت: فما قلت لابن الفاعلة؟!