للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاليوم لا خلف نؤمل بعده ... هيهات نمدح بعده إنسيا

قالت: يا أمير المؤمنين، لسان نطق، وقول صدق، ولئن تحقق فيك ما ظننا، فحظك أوفر، والله ما أورثك الشناءة في قلوب المسلمين إلا هؤلاء، فادحض مقالتهم وأبعد منزلتهم، فإنك إن فعلت ازددت بذلك من الله قرباً، ومن المسلمين حباً، قال: إنك لتقولين ذلك؟! قالت: سبحان الله! والله ما مثلك مدح بباطل، ولا اعتذر إليه بكذب، وإنك لتعلم ذلك من رأينا وضمير قلوبنا، كان والله علي أحب إلينا منك إذ كان حياً، وأنت أحب إلينا من غيرك إذ أنت باقٍ. قال: ممن؟ قالت: من مروان بن الحكم وسعيد بن العاص. قال: وبم استحققت ذلك عليهما؟ قالت: بحسن حلمك وكرم عفوك. قال: وإنهما ليطمعان في ذلك؟ قالت: هما والله لك من الرأي على مثل ما كنت عليه لعثمان. قال: والله لقد قاربت، فما حاجتك؟ قالت: إن مروان بن الحكم تبنك بالمدينة تبنك من لا يريد البراح منها، لا يحكم بعدل، ولا يقضي بسنة، يتبع عثرات المسلمين، ويكشف عورات المؤمنين، حبس ابن ابني، فأتيته فقال كيت وكيت، فألقمته أخشن من الحجر، وألعقته أمر من الصاب والصبر، ثم رجعت إلى نفسي بالائمة، وأتيتك يا أمير المؤمنين لتكون في أمري ناظراً، وعليه معدياً. قال: صدقت، لا أسألك عن ذنبه، ولا أسألك القيام بحجته، اكتبوا لها بإخراجه. قالت: يا أمير المؤمنين، وأنى لي بالرجعة وقد نفد زادي، وكلت راحلتي. فأمر لها براحلة موطأة، وخمسة آلاف درهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>