فقلت: يا ابن أخي قد عطشت، وما قلت له ذلك وأنا أرى عنده شيئاً إلا الجزع قال: فثنى وركه ثم نزل فقال: يا عم، أعطشت؟ قال: قلت: نعم. قال: فأهوى بعقبه إلى الأرض، فإذا أنا بالماء، فقال: اشرب يا عم. قال: فشربت. وفي آخر قال: أرويت يا عم؟ قلت: نعم. وكان سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجر عمه أبي طالب بعد جده عبد المطلب، وإلى أبي طالب أوصى عبد المطلب برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال أبو طالب حين توجه إلى بصرى: من الطويل
بكى طرباً لما رآنا محمد ... كأن لا يراني راجعاً لمعاد
فبت يجافيني تهلل دمعه ... وقربته من مضجعي ووسادي
فقلت له قرب قعودك وارتحل ... ولا تخش مني جفوة ببلادي
وخل زمان العيس وارتحلن بنا ... على عزمة من أمرنا ورشاد
ورح رائحاً في الراشدين مشيعاً ... لذي رحمٍ في القوم غير معاد
فرحنا مع العير التي راح ركبها ... يؤمون من غوري أرض إياد
وحتى رأوا أخبار كل مدينة ... سجوداً له من عصبة وفراد
فما رجعوا حتى رأوا من محمد ... أحاديث تجلو غم كل فؤاد
زبيراً وتماماً وقد كلن شاهداً ... دريساً وهموا كلهم بفساد
فقال لهم قولاً بحيراً وأيقنوا ... له بعد تكذيب وطول تعاد