فرق بيننا، وأكفر آلهتنا، وسب آباءنا، فأرسل إلى ابن أخيك، فأنت بيننا عدل. فأرسل أبو طالب إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتاه، فقال له: هؤلاء قومك وذوو أسنانهم، وأهل الشرف منهم، وهم يعطونك السواء فلا تمل عليهم كل الميل، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قولوا أسمع قولكم. فقال أبو جهل بن هشام: ترفضنا من ذكرك، ولا تكن منا ولا من آلهتنا في شيء، وندعك وربك، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن أعطيتكم ما سألتم، أمعطي أنتم كلمة واحدة لكم فيها خير، تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم؟ فقال أبو جهل وهو مستهزئ: نعم، لله أبوك لكلمة نعطيها وعشرة أمثالها فقال: قولوا لا إله إلا الله وحده لا شريك له. فنفروا من كلامه، وخرجوا مفارقين له. وقالوا:" امشوا، واصبروا على آلهتكم، إن هذا لشيء يراد، ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة، إن هذا إلا اختلاق إلى قوله بل لما يذوقوا عذاب ". فكان ممشاهم إلى أبي طالب لما لقوا من عمر وسمعوا منه. وعن ابن عباس في قوله عز وجل " وهم ينهون عنه وينأون عنه " قال: نزلت في أبي طالب، كان ينهى عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يؤذى، وينأى ويجفوا عما جاء به " وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون " يعني أبا طالب.
ولما حضرت أبا طالب الوفاة قال للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عليك بأخوالك بني النجار، فإنهم أمنع الناس لما في بيوتهم. وعن ابن عباس قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحرس، وكان يرسل معه أبو طالب كل يوم رجالاً من بني هاشم يحرسونه، حتى نزلت عليه هذه الآية " والله يعصمك من الناس " فأراد عمه أن يرسل معه من يحرسه فقال: يا عماه، إن الله قد عصمني من الجن والأنس.