عبد العزيز، وإخوة له؛ ثم هلكت عنده، وهلك إبراهيم بن نعيم عن حفصة بنت عاصم، فتزوجها عبد العزيز بن مروان بعد مهلك أم عاصم، وحملت إليه بمصر. وكان بأيلة إنسان به خبل يقال له: شرشرين، فلما مرت به أم عاصم، تعرض لها، فأعطته وأحسنت إليه؛ ثم مرت به بعدها حفصة بنت عاصم، فتعرض لها، فلم ترفع به رأساً، فسئل: أين حفصة من أم عاصم؟ فقال: ليست حفصة من رجال أم عاصم. مر عمر بعجوز تبيع لبناً معها في سوق الليل. فقال لها: يا عجوز، لا تغشي المسلمين وزوار بيت الله عز وجل، ولا تشوبي اللبن بالماء. فقالت: نعم يا أمير المؤمنين. ثم مر بعد ذلك، فقال: يا عجوز، ألم أتقدم إليك أن لا تشوبي لبنك بالماء؟ فقالت: والله ما فعلت. فتكلمت ابنة لها من داخل الخباء، فقالت: يا أمة، أغشاً وكذباً جمعت على نفسك؟! فسمعهما عمر، فهم بمعاقبة العجوز، فتركها لكلام ابنتها، ثم التفت إلى بنيه فقال: أيكم يتزوج هذه، فلعل الله أن يخرج منها نسمة طيبة مثلها. فقال عاصم بن عمر:
أنا أتزوجها يا أمير المؤمنين. فتزوجها؛ فولدت له أم عاصم، فتزوج أم عاصم عبد العزيز بن مروان؛ فولدت له عمر بن عبد العزيز. وقيل: أن عمر بينا وهو يعس بالمدينة أعيا، فاتكأ على جدار، فإذا امرأه تقول لابنتها: قومي إلى ذلك اللبن فامذقيه بالماء. فقالت: يا أمتاه، وما علمت ما كان من عزمة أمير المؤمنين اليوم؟ قالت: وما كان من عزمته؟ قالت: نادى مناديه: لا يشاب اللبن بالماء. فقالت لها: يا بنتاه، قومي فامذقيه. فإنك في موضع لا يراك عمر ولا منادي عمر. فقالت الصبية: ما كنت أطيعه في الملأ، وأعصيه في الخلاء. وعمر يسمع كل ذلك فقال: يا أسلم علم الباب، واعرف الموضع. ومضى في عسه. فلما أصبح قال: يا أسلم، امض إلى ذلك الموضع فانظر من القائلة والمقول لها، وهل لهم من بعل. فإذا أيم لا بعل لها، وإذا تيك أمها، ليس لهم رجل. فأخبر عمر، فجمع ولده، وقال: فيكم من يحتاج إلى امرأة أزوجه؟ ولو كان بأبيكم حركة إلى النساء؛ ما سبقه منكم أحد إلى هذه الجارية. فزوجها من عاصم الحديث.