وعن أبي قتادة قال: خرجت مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة حنين، فلما التقينا جعل رجل من المشركين يفعل بالمين ويذر، ثم وجد غمزاً في بطنه، فخرج من الصف، فخرجت في إثره، فبدرني وفي يده سيفه وترسه، وفي يدي سيفي وترسي، فأقبل علي بوجهه فقال: أما ترى ما أصنع بأصحابك منذ اليوم؟ ارجع. فأقبلت إليه وما أكلمه، فأقبل إلي يرمي بزبد كزبد البعير، فلما دنا مني حمل علي ضربتين: ضربة اتقيتها بترسي، فعض ترسي على سيفه، وضربته ضربة على حبل عاتقه، فجافته، فلما وجد طعم الموت خلى سيفه، ثم ضمني إليه، فوالذي أكرم محمداً بما أكرمه به لولا أن نفسه عجلت؛ لظننت أن نفسي تخرج قبل نفسه. قال: ثم رجعت إلى موضعي فقاتلت مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى هزمهم الله. قال: ثم جمعت الأسلاب، فكان الرجل عليه سلب كامل، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من عرف سلباً فليقم فليأخذه قال: فهممت بالقيام ثم ثبت. قال: فعلت ذلك مرة أو مرتين فرمقني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا أبا قتادة، ما لي أراك تهم بالقيام ثم تجلس؟ فقلت: لا شيء يا رسول الله. قال: أشهد لتخبرني. قلت: يا رسول الله، إن رجلاً من المشركين كان يفعل في المسلمين ويذر، فخرج من الصف، وخرجت فقتلته، وكان عليه سلب كامل؛ فلم أره يا رسول الله. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من أخذ سلب قتيل أبي قتادة؟ فقال رجل من الصحابة: أنا يا رسول الله، فأرضه عني. قال: فسكت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يقل شيئاً. فقام عمر بن الخطاب، فقال: لا والله، لا يقوم أسد من أسد الله عز وجل يقاتل في الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويكون غيره أسعد بسلب قتيله. فقام الرجل فجاء به، فقال: هو ذا يا رسول الله. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خذه يا أبا قتادة. قال أبو قتادة: فأخذته، فبعته بسبع أواق من ذهب، فاشتريت مخرفاً في بني سلمة، فكان أول مال اعتقدته في الإسلام من نائل. بعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا قتادة ومعه خمسة عشر رجلاً إلى غطفان، وأمره أن يشن عليهم الغارة. فسار الليل، وكمن النهار، فهجم على حاضرٍ منهم عظيم، فأحاط به،