للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشراة وهي مأسدة، فنزلنا إلى صومعة راهب، فقال الراهب: يا معشر العرب، ما أنزلكم هذه البلاد؟ فإنما يسرح الأسد فيها كما يسرح الغنم فقال لنا أبو لهب: إنكم قد عرفتم كبر سني وحقي. فقلنا: أجل يا أبا لهب. فقال: إن هذا الرجل قد دعا على ابني دعوة والله ما آمنها عليه، فاجمعوا متاعكم إلى هذه الصومعة، وافرشوا لابني عليها، ثم افرشوا حولها. ففعلنا، فجمعنا المتاع ثم فرشنا له عليه، وفرشنا حوله، فبتنا، وأبو لهب معنا أسفل. وبات هو فوق المتاع، فجاء الأسد فشم وجوهنا فلما لم يجد ما يريد تقبض فوثب وثبة فإذا هو فوق المتاع، ثم هزمه هزمة ففسخ رأسه. فقال أبو لهب: قد عرفت أنه لا ينفلت من دعوة محمد. وكناه عبد المطلب أبا لهب من حسنه، لأنه كان يتلهب من حسنه. وله يقول أبو طالب يحرضه على نصر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومنعه، ويعاتبه على خذلانه: من الطويل

إن امرأ أبو عتيبة عمه ... لفي معزل من أن يسام المظالما

أقول له وأين منه نصيحتي ... أبا معتب ثبت سوادك قائما

فكناه بأبي عتيبة، وأبي معتب.

وأم أبي لهب لبنى بنت هاجر بن عبد مناف بن ضاطر بن حبشية بن سلول. اصطرع أبو طالب وأبو لهب، فصرع أبو لهب أبا طالب، وجلس على صدره، فمد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذؤابة أبي لهب، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومئذ غلام. فقال له أبو لهب: أنا عمك، وهو عمك، فلم أعنته علي؟! فقال: لأنه أحب إلي منك. فمن يومئذٍ عادى أبو لهب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واختبأ له هذا الكلام في نفسه. وكان أبو لهب شديد المعاداة لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>