كان إسلامه بين الحديبية وخيبر. قدم المدينة مهاجراً وأسلم والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخيبر، فشهد فتح خيبر ولم يسهم له، سكن الصفة، ولم يشتغل بالصفق في الأسواق، ولا بغرس الودي، وقطع الأعذاق. لزم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاث سنين، مختاراً العدم، وكان يشهد إذا غابوا، ويتحفظ إذا نسوا بسط نمرته للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أفرغ فيها من حديثه فجمعها إلى صدره. فصار للعلوم واعياً، ومن الهموم خالياً. كان من الذاكرين لله كثيراً. قال محمد بن قيس: كان أبو هريرة يقول: لا تكنوني أبا هريرة، كناني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا هر. قال: ثكلتك أمك أبا هر. والذكر خير من الأنثى. قال ابن خثيم لعبد الرحمن: صف لي أبا هريرة فقال: رجل آدم، بعيد ما بين المنكبين، ذو ضفيرتين، أفرق الثنيتين. قال قرة بن خالد: قلت لمحمد بن سيرين: أكان أبو هريرة مخشوشناً؟ قال: لا، بل كان ليناً. قلت: فما كان ثوبه؟ قال: كان أبيض. قلت: هل كان يخضب؟ قال: نعم، نحو ما ترى. وأهوى محمد بيده إلى لحيته وهو حمراء. قلت: فما كان لباسه؟ قال: نحو ما ترى. قال: وعلى محمد ثوبان ممشقان من كتان. قال: وتمخط يوماً فقال: بخ بخ، أبو هريرة يتمخط في الكتان؟! وعن أبي العالية قال: لما أيلم أبو هريرة قال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ممن أنت؟ قال: من دوس. فوضع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده على جبينه ثم نفضها وقال: ما كنت أرى من دوس أحداً فيه خير. وعن أبي هريرة قال: خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاستخلف سباع بن عرفطة على المدينة. قال أبو هريرة: