قال أبو سلمة: دخلت على أبي هريرة وهو وجع شديد الوجع، فاحتضنته فقلت: اللهم، اشف أبا هريرة. فقال: اللهم، لا ترجعها قالها مرتين ثم قال: إن استطعت أن تموت فمت، والله الذي نفس أبي هريرة بيده، ليأتين على الناس زمان يكون الموت أحب إلى أحدكم من الذهبة الحمراء، وليأتين على الناس زمان يمر الرجل على قبر أخيه المسلم فيتمنى أنه صاحبه.
وكان أبو هريرة يقول: تشبثوا بصدغي معاوية، اللهم، لا تدركني سنة ستين، وتوفي فيها أو قبلها. وعن أبي هريرة أنه قال حين حضره الموت: لا تضربوا علي فسطاطاً ولا تجعلوا معي مجمراً، وأسرعوا بي، فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إذا وضع الرجل الصالح على سريره قال: أسرعوا بي، أسرعوا بي مرتين وإذا وضع الرجل السوء على سريره قال: يا ويله، أين تذهبون بي؟ قال محمد بن عمرو: سمعت أبا هريرة وجئته في مرضه أعوده وهو يقول: قد قلت لأهلي إذا أنا مت فلا تعمموني ولا تقمصوني، فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يعمم ولم يقمص. وفي حديث: إذا مت فلا تنوحوا علي، فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ينح عليه الحديث.
بكى أبو هريرة في مرضه، فقيل: ما يبكيك؟ قال: ما أبكي على دنياكم هذه، ولكني أبكي على بعد سفري وقلة زادي، وإني أمسيت في صعود مهبطه على جنة ونار، فلا أدري أيتهما يؤخذ بي. دخل مروان على أبي هريرة في شكواه الذي مات فيه، فقال: شفاك الله يا أبا هريرة. فقال أبو هريرة: اللهم، إني أحب لقاءك فأحب لقائي، فما بلغ مروان أصحاب القطا حتى مات.
وفي حديث آخر قال: اللهم اشفه، اللهم عافه، اللهم ارفعه. قال: فأفاق ورفع