على معاوية، فلم يقدر على كلامه، فدار خلفه فقعد خلف السرير بين وسادتين، فجعل يخفق برأسه لما لقي من العناء في طريقه. فقال ابن بريدة: والشيخ إذا كان قاعداً كان أكثر لنومه، فنام، وتفرق الناس عن معاوية لما أمسوا، وخرج للمغرب، ثم رجع فتعشى وخرج لصلاة العشاء، والشيخ نائم لا يعلم، حتى ذهب هوي من الليل. فدخل معاوية إلى أهله فانتبه الشيخ لما أصابه برد الليل، فإذا هو بالسرج وليس في البيت غيره، فقام فخرج إلى الدار، فإذا الأبواب مغلقة، فاسترجع وقال: إنا لله، جئت أطلب الخير فالآن أوخذ بظن أني جئت أغتال أمير المؤمنين. فطلب مكاناً يختبئ فيه إلى أن يصبح فلم يجد، فدخل تحت سرير معاوية فلما ذهب هوي من الليل إذا معاوية أقبل، شيخ ضخم البطن، متوشح بملحفة حمراء، حتى قعد على السرير، والشيخ ينظر وهو يسترجع في نفسه: الآن أقتل. ثم قال معاوية: يا غلام، انطلق إلى ابنة قرظة فادعها، فجاءت تمشي ومعها جواري يسترنها حتى صعدت على السرير معه، فطرب للجواري، فكلمها معاوية ساعة ثم قال: عزمت عليك إلا نزلت فمشيت، ورمى عنها ثيابها، وبقيت في درع رقيق من قز يستبين منه جميع جسدها. فمشت فقال: أقبلي. فأقبلت. ثم قال: أدبري. فأدبرت. والشيخ ينظر، ثم أقبلت، فإذا هي ببريق عين الشيخ من تحت السرير. فصاحت وقالت: افتضحت. وقعدت وتقنعت بيديها. فقام معاوية إليها، وقال: ما لك؟ فقالت: رجل تحت السرير. فأدخل معاوية يده، فأخذ برأسه، فإذا شعرات، فجعل لا يقدر أن يقبض على شعره، فلما علم أنه شيخ كبير تركه ولبست ابنة قرظة ثيابها وانطلقت إلى بيتها، وخرج الشيخ إلى معاوية فقال: يا أمير المؤمنين لينفعني عندك الصدق. قال: هيه، فقص عليه القصة. فقال: لا بأس عليك، وجعل معاوية يضحك ويسأله فإذا أعرابي منكر لا يسأله عن شيء إلا أخبره. فلما أصبح دعا معاوية خصياً له وقال: خذ بيد الشيخ إلى ابنة قرظة فقل لها: هذا الشيخ الذي تخلاك