لا أراها، حتى إذا كان السحر أقبلت فتهيأت لها فرشقتها، فأصبتها وأجهزت عليها، ثم عمدت إلى سرتها فاحتززتها، ثم عمدت إلى حطب جزل فجمعته إلى رصف وعمدت إلى زندي فقدحت، وأضرمت النار في ذلك الحطب، وألقيت سرتها فيها، وأدركني النوم فلم يوقظني إلا حر الشمس في ظهري، فانطلقت إليها وكشفتها، وألقيت ما عليها من قذى ورماد، ثم قلبت مثل الملاءة البيضاء، فألقيت عليها من رطب تلك النخلة المجزعة والمنصفة فسمعت لها أطيطاً كتداعي عامر وغطفان. ثم أقبلت أتناول الشحمة واللحمة فأضعها بين التمرتين، وأهوي بها إلى فمي فبم أحلف أني ما أكلت طعاماً قط مثله؟ فقال له عبد الملك: لقد أكلت طيباً، فممن أنت؟ قال: أنا رجل جانبتني عنعنة تميم وكشكشة ربيعة، وحوشي أهل اليمن وإن كنت منهم. قال: فمن أيهم أنت؟ قال: من أخوالك من عذرة. قال: أولئك فصحاء الناس، فهل لك علم بالشعر؟ قال: سلني عما بدا لك. قال: أي بيت أمدح؟ قال: قول جرير: من الوافر
ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح
قال: وجرير في القوم. فرفع رأسه وتطاول لها. قال: فأي بيت أفخر؟ قال: قول جرير: من الوافر
إذا غضبت عليك بنو تميم ... حسبت الناس كلهم غضاب
فتحرك جرير. ثم قال: أي بيت أهجى؟ قال: قول جرير: من الوافر