وكذا، حتى افترقوا على اثنين وسبعين لساناً. وانقطع الصوت وتبلبلت الألسن، فسميت بابل. وكان اللسان يومئذ بابلياً. وهبطت ملائكة الخير والشر، وملائكة الحياء والإيمان، وملائكة الصحة والشفاء، وملائكة الغنى، وملائكة الشرف، وملائكة المروءة، وملائكة الجفاء، وملائكة الجهل، وملائكة السيف، وملائكة اليأس، حتى انتهوا إلى العراق، فقال بعضهم لبعض: افترقوا. فقال ملك الإيمان: أنا أسكن المدينة ومكة، فقال ملك الحياء: أنا معك، فأجمعت الأمة على أن الإيمان والحياء ببلد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال مالك الشقاء: أنا أسكن البادية، فقال ملك الصحة: وأنا معك، فأجمعت الأمة على أن الصحة والشقاء في الأعراب. وقال ملك الجفاء: أنا أسكن المغرب، فقال ملك الجهل: أنا معك، فأجمعت الأمة على أن الجفاء والجهل في البربر. وقال ملك السيف: أنا أسكن الشام، فقال له ملك البأس: أنا معك. وقال ملك الغنى: أنا أقيم هاهنا، فقال له ملك المروءة: أناملك البأس: أنا معك. وقال ملك الغنى: أنا أقيم هاهنا، فقال له ملك المروءة: أنا معك. فقال ملك الشرف: وأنا معكما، فاجتمع ملك الغنى والمروءة والشرف بالعراق.
وعن حكيم بن جابر قال:
أخبرت أن الإسلام قال: أنا لا حق بأرض الشام، قال الموت: وأنا معك. قال الملك: وأنا لا حق بأرض العراق قال القتل: وأنا معك. قال الجوع: وأنا لاحق بأرض العرب، قالت الصحة: وأنا معك.
قال: إنما أراد بذلك كثرة ما كان بها من الطاعون، أو القتل في الجهاد، وكلاهما شهادة. وذلك مدح ليس بذم.
قال الجاحظ: أشياء اتفقت ثمانية أزواج ستة عشر صنفاً، ثم اتفقت أزواجاً فصارت ثمانية أزواج: فقال الدين: أسكن الحرمين مكة والمدينة، قالت الأمانة: أنا معك. قال الغني واليسار: أسكن مصر، قال الذل: أنا معك. قال السخاء: أسكن الشام، قالت الشجاعة: وأنا معك. قال العقل: أسكن العراق، قالت المروءة: وأنا معك. قال العلم: أسكن خراسان، قال الورع: وأنا معك. قالت التجارة: أسكن خوزستان وأصبهان، قالت النذالة: وأنا معك. قال الجفاء: أسكن المغرب، قال الجهل: وأنا معك. قال الفقر: أسكن اليمن، قالت القناعة: وأنا معك.