سنّة، وهو الذي أدّب أهل الثّغر، وعلّمهم السّنّة، وكان يأمر وينهى، وكان ذا دخل الثّغر رجل مبتدع أخرجه، وكان كثير الحديث، وكان له فقه، وكان عربياً فزاريّاً؛ أمر سلطاناً يوماً ونهاه، فضربه مئتي سوط، فغضب الأوزاعي فتكلّم في أمره.
وعن إسماعيل بن إبراهيم، قال: أخذ هارون الرّشيد زنديقاً، فأمر بضرب عنقه، فقال الزنديق: لم تضرب عنقي يا أمير المؤمنين؟ قال: أريح العباد منك: قال: فأين أنت من ألف حديث وضعتها على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كلها ما فيها حرف نطق به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! فأين أنت يا عدوّ الله من أبي إسحاق الفزاريّ وعبد الله بن المبارك ينخلانها ويخرجانها حرفاً حرفاً؟!.
قال عبد الرحمن بن مهدي: النّاس يتفاضلون في العلم، وكلّ إنسان يذهب إلى شيء، ولم أر أحداً أعلم بالسّنّة من حمّاد بن زيد؛ فإذا رأيت بصرياً يحب حمّاد بن زيد فهو صاحب سنّة؛ وإذا رأيت كوفيّاً يحب زائدة ومالك بن مغول، فهو صاحب سنّة؛ وإذا رأيت شامياً يحب الأوزاعيّ وأبا إسحاق الفزاريّ فهو صاحب سنّة؛ وإذا رأيت حجازياً يحبّ مالك بن أنس فهو صاحب سنّة.
قال هارون أمير المؤمنين لأبي إسحاق الفزاريّ: أيها الشيخ، بلغني أنك في موضع من العرب؛ قال: إن ذلك لا يغني عني من الله يوم القيامة شيئاً.
قال الأصمعي: كنت جالساً بين يدي هارون الرّشيد أنشده شعراً، وأبو يوسف القاضي جالس على يساره، فدخل الفضل بن الرّبيع، فقال: بالباب أبو إسحاق الفزاريّ، فقال: أدخله: فلّما دخل قال: عليك السّلام يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فقال له الرّشيد: لا سلّم الله عليك، ولا قرّب دارك، ولا حيّا مزارك؛ قال: لم يا أمير المؤمنين؟ قال: أنت الذي تحرّم السّواد؟ فقال: يا أمير المؤمنين من أخبرك بهذا؟ لعلّ ذا أخبرك وأشار إلى أبي يوسف وذكر كلمةً؛ والله يا أمير المؤمنين من أخبرك بهذا؟ لعلّ ذا أخبرك وأشار إلى أبي يوسف وذكر كلمةً؛ والله يا أمير المؤمنين لقد خرج إبراهيم على جدّك المنصور، فخرج أخي معه، وعزمت على الغزو، فأتيت أبا حنيفة فذكرت ذلك له، فقال: مخرج أخيك أحبّ إليّ ممّا عزمت عليه من الغزو؛ والله ما حرّمت السّواد.