وأنت امرؤ حلو المؤاخاة باذل ... إذا ما بخيل القوم لم يصطنع يدا
لك الفضل من هنّا وهنّا وراثة ... أباً عن أب لم يختلس تلك قعددا
بناه لك العبّاس للمجد غاية ... إلى عزّ قدموس من المجد أصيدا
وشيّد عبد الله إذ كان مثلها ... وشدّ بأطناب العلى فتشّيدا
وشد عليّ في يديه بعروة ... وحبلين من مجد أغيرا وأحصدا
وكم من غلاء أو علاً قد ورثتها ... بأحسن ميراث أباك محمّدا
وأنت ارمؤ أوفى قريش حمالةً ... وأكرمها فيها مقاماً ومقعدا
كريم إذا ما أوجب اليوم نائلاً ... عليه جزيلاً بثّ أضعافها غدا
سعى ناشئاً للمكرمات فنالها ... وأفرع في وادي العلى ثم أصعدا
على مأثرات من أبيه وجدّه ... فأكرم بذا فرعاً وبالأصل محتدا
وأجرى جواداً يحسر الخيل خلفه ... إلى قصبات السّبق مثنى وموحدا
إذا ساد يوماً عدّ من ولد هاشم ... أباً ذكره لا يقلب الوجه أسودا
أغرّ مناقيباً بنى المجد بيته ... مكان الثّريّا ثم علاّ فكبّدا
ومورد أمر لم يجد مصدراً له ... أتاك فأصدرت الذي كان أوردا
وموقد نار لم يجد مطفئاً لها ... أتاك فأطفأت الذي كان أوقدا
فلم أر في الأقوام مثلك سيّداً ... أهشّ بمعروف وأصدق موعدا
وأنهض بالعزم الثقيل احتماله ... وأعظم إذ لا يرفد الناس مرفدا
ولو لم يجد للواقفين ببابه ... سوى الثّوب ألقى ثوبه وتجرّدا
ذكر هشام بن محمد بن يوسف: أن أبا مسلم كان عبداً سرّاجاً من أهل خراسان، وأنه صنع خرقاً سوداً، فجعلها في قناة؛ قال: فكانوا يسمعون في الحديث، أنها تخرج رايات سود من قبل المشرق، فكانت أنفسهم تتوق إلى ذلك، فلّما فعل أبو مسلم ذلك، تبعه عبيد وغير ذلك، وقال: من تبعني فهو حرّ، ثم خرج هو ومن اتّبعه فوقعوا بعامل كان في بعض تلك الكور، فقتلوه، واخذوا ما كان معه، وازداد من كان معه كثرةً، وسار في خراسان وأخذ كبراها، ثم كتب إلى إبراهيم بن محمد.