الدّاخل، فكل ما هنا لك، فدخلت فوجدت صخرة عظيمة عليها الجوز ناحيةً، والفستق ناحيةً، والزّبيب ناحيةً، والتين ناحيةً، والتفّاح ناحيةً، والخرنوب ناحيةً، والحبّة الخضراء ناحيةً، فأكلت منها ما أردت.
فلما كان عند السّحر جاء هو فأكل منها شيئاً يسيراً، ثم قام فأوتر، فما زال يدعو ثم سجد، فسمعت في سجوده يقول: اللهم من عليّ بإقبالي عليك، وإضعافي إليك، وإنصاتي لك، والفهم منك، والبصيرة في أمرك، والبقاء في خدمتك، وحسن الأدب في معاملتك.
فلّما رفع رأسه قلت: من أين لك هذا الدّعاء؟ فقال: ألهمت، ولقد كنت في بعض اللّيالي أدعو به، سمعت هاتفاً يهتف بي ويقول: إذا دعوت ربّك بهذا، فقم، فإنه مستجاب، فلّما أن صلّينا قلت: من أين هذه الفواكه فإني لم آكل أطيب منها؟ فقال: سوى ترى؛ فلّما كان بعد ساعة دخل الكهف طير له جناحان أبيضان، وصدر أخضر وفي منقاره حبّة زبيب، وبين رجليه جوزة، فوضع الزّبيب على الزّبيب، والجوزة على الجوز؛ فقال لي رأيته؟ فقلت: نعم؛ قال: هذا لي منذ ثلاثين سنة، يأتيني هذا، ويدخل عليّ في اليوم سبع مرّات.
فلّما كان ذلك اليوم عددت مجيء الطّائر فجاء خمس عشرة مرّة، فقلت له ذلك، فقال: انظر أنت فقد زادك واحدة فاجعلنا في حلّ.
وكان عليه قميص بلا كمين، ومئزر يشبه توز القوس، فقلت له: من أين لك هذا؟ قال: يأتيني كلّ سنة هذا الطّائر يوم عاشوراء بعشر قطع من هذا اللّحاء، فأسويّ منه قميصاً ومئزراً، وكان له مسلّة يخيط بها.
فلّما كان بعد ليال دخل سبعة أنفس، ثيابهم شعورهم، وعيونهم مشقفةً بالطول، حمر، وليس فيها دوّارة؛ فسلّموا، فقال لي: لا تخف هؤلاء الجنّ؛ فقرأ واحد منهم عليه سورة طه، والآخر سورة الفرقان، وتلقّن منهم الآخر شيئاً من سورة