للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينقضّ " أي: يكاد، قال: فقال أبو عمرو: لا نزال بخير ما كان فينا مثلك.

وحدّث قال: إنّي كنت يوماً عند المأمون، وليس معنا إلاّ المعتصم، فذكر كلاماً قال: فلم أحتمل ذلك منه يعني من المعتصم فأجبته، فأخفى ذلك المأمون، ولم يظهره ذلك الإظهار؛ فلّما صرت من غد إلى المأمون كما كنت أصير قال لي الحاجب: أمرت أن لا آذن لك، فدعوت بداوة وقرطاس، وكتبت: من الطويل

أنا المذنب الخطّاء والعفو واسع ... ولو لم يكن ذنب لما عرف العفو

سكرت فأبدت منّي الكأس بعض ما ... كرهت وما إن يستوي السّكر والصّحو

ولا سيّما إذ كنت عند خليفة ... وفي مجلس ما إن يليق به اللّغو

ولولا حميّا الكأس كان احتمال ما ... بدهت به لا شكّ فيه هو السّرو

تنصّلت من ذنبي تنصّل ضارع ... إلى من لديه يغفر العمد والسّهو

فإن تعف عنّي ألف خطوي واسعاً ... وإلاّ يكن عفو فقد قصر الخطو

قال: فأدخلها الحاجب، ثم خرج إليّ فأدخلني، فمّد المأمون باغيه، فأكببت على يديه فقبّلتهما، فضمّني إليه، وأجلسني.

وفي رواية: أن المأمون وقّع على ظهر هذه الأبيات: من الخفيف

إنّما مجلس النّدامى بساط ... للمودّات بينهم وضعوه

فإن انتهوا إلى ما أرادوا ... من حديث ولذّة رفعوه

وحدّث قال: كنت مع المأمون في بلد الرّوم، فبينا أنا سائر في ليلة مظلمة شاتية ذات غيم وريح، وإلى جانبي قبّة، إذ برقت برقة فإذا في القبّة عريب، فقالت: إبراهيم بن اليزيدي! فقلت: لبّيك، فقالت: قل في هذا البرق أبياتاً أغنّي فيها، فقلت: من الرجز

ماذا بقلبي من أليم الخفق ... إذا رأيت لمعان البرق

من قبل الأردنّ أو دمشق ... لأن من أهوى بذاك الأفق

<<  <  ج: ص:  >  >>