لم ترم ثرثار النّفوس الحسّد ... بمثل ملك ثابت مؤيّد
لمّا انتخوا قدحاً بزند مصلد ... يلوي بمشرون القوى مستجمد
يزداد إبغاضاً على التّهدد ... فزايلوا باللّين والتعبّد
صمامة تأكل أكل المزبد قال: فرويت وصارت في أفواه الخدم، وبلغت أبا جعفر، فسأل عن قائلها، فأخبر أنها لرجل من زيد مناة، فأعجبته فدعاني فدخلت عليه، وإنّ عيسى بن موسى لعن يمينه، والنّاس عنده ورؤوس القّواد والجند.
قال: فلّما كنت بحيث يراني ناديت: يا أمير المؤمنين، أدنني منك حتى أفهمك وتسمع مقالتي.
ثال: فأومى بيده فأدنيت حتى كنت قريباً منه، فلّما صرت بين يديه، قلت ورفعت صوتي أنشده من هذا الموضع من الكلمة، ثم رجعت إلى أوّل الأرجوزة، فأنشدته من أوّلها إلى هذا الموضع أيضاً، فأعدت عليه حتى أتيت على آخرها والنّاس منصتون، وهو يتسارّ بما أنشدته، مستمع له، فلّما خرجنا من عنده، إذا رجل واضع يده على منكبي، فالتفت فإذا عقال بن شبّة، فقال: لها أنت، فقد سررت أمير المؤمنين، وإن التام الأمر على ما نحبّ فلعمري لتصيبنّ منه خيراً، وإن يك غير ذاك فابتغ نفقاً في الأرض أو سلّماً في السّماء.
قال: فكتب له المنصور بصلة إلى الرّيّ، فوجّه عيسى في طلبه، فلحق في طريقه، فذبح وسلخ وجهه؛ وقيل: قتل بعدما انصرف من الرّيّ، وقد أخذ الجائزة.