الأرض خليفةً " إلى قوله " إنّي أعلم ما لا تعلمون "، من شأن إبليس، فبعث جبريل عليه السّلام إلى الأرض ليأتيه بطين منها، فقالت الأرض: إنّي أعوذ بالله منك أن تنقص منّي أو تشينني، فرجع، ولم يأخذ، فقال: يا رب إنّها عادت بك فأعذتها، فبعث ميكائيل، فقالت مثل ذلك، فرجع، فبعث ملك الموت، فعاذت منه، فقال: وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ أمره، فأخذ من وجه الأرض، وخلط فلم يأخذ من مكان واحد، وأخذ من تربة حمراء وبيضاء وسوداء، فلذلك خرج بنو آدم مختلفين، فصعد به، فبّل ترابه حتى عاد طيناً لازباً واللاّزب: هو الذي يلتزق بعضه ببعض ثم لم يزل حتى أنتن وتغيّر، فذلك حين يقول: من حمأ مسنون، قال: منتن؛ ثم قال للملائكة: " إني خالق بشراً من طين فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين "، فخلقه الله بيديه لكي لا يتكبّر إبليس عنه، ليقول له: تتكبّر عمّا عملت بيدي ولم أتكبر أنا عنه؛ فخلقه بشراً، فكان جسداً من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة، فمّرت به الملائكة، ففزعوا منه لما رأوه، وكان أشدهم فزعاً منه إبليس، كان يمّر به فيضربه، فيصوّت الجسد كما يصوّت الفخّار، فيكون له صلصلة، فذلك حين يقول: من صلصال كالفخّار، ويقول: لأمر ما خلقت. ودخل في فيه وخرج من دبره، فقال للملائكة: لا ترهبوا من هذا، وهذا أجوف، لئن سلطت عليه لأهلكنّه؛ فلّما بلغ الحين الذي يريد الله أن ينفخ فيه الرّوح، قال للملائكة: إذا نفخت فيه من روحي فاسجدوا له، فلّما نفخ فيه الرّوح فدخل الرّوح في رأسه عطس، فقالت له الملائكة: قل: الحمد لله، فقال: الحمد لله، فقال الله: رحمك ربّك؛ فلّما دخل الرّوح في عينيه نظر إلى ثمار الجنّة؛ فلّما دخل في جوفه اشتهى الطّعام، فوثب قبل أن يبلغ الرّوح في رجليه عجلان إلى ثمار الجنّة، فذلك حين يقول: " خلق الإنسان من عجل "، فسجد الملائكة كلّهم أجمعون، إلاّ إبليس أبى واستكبر، قال الله عزّ وجلّ: ما منعك أن تسجد إذا أمرتك لما