للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتطيع، قال: نعم، قال: فافعل، وبعث رافع بن مكيث الجهني إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخبره أن لهم جمعاً كبيراً، ويستمده بالرجال، فبعث أبا عبيدة بن الجراح وعقد له لواء وبعث معه سراة المهاجرين: أبو بكر وعمر، والأنصار وأمره رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يلحق عمرو بن العاص فخرج أبو عبيدة في مئتين وأمره أن يكونا جميعاً ولا يختلفا، فساروا حتى لحقوا بعمرو بن العاص، فأراد أبو عبيدة أن يؤم الناس ويتقدم عمراً، فقال له عمرو: إنما قدمت مدداً لي، وليس أن تؤمني وأنا الأمير، وإنما أرسلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلي مدداً، فقال المهاجرون: كلا بل أنت أمير أصحابك، وهو أمير أصحابه، فقال عمرو: لا بل أنتم مدد لنا، فلما رأى أبو عبيدة الاختلاف وكان حسن الخلق لين الشيمة قال: إذا قدمت على صاحبك فتطاوعا ولا تختلفا، وإنك والله إن عصيتني لأطيعنك، فأطاع أبو عبيدة، فكان عمرو يصلي بالناس، فآب إلى عمرو جمع فصاروا خمس مئة، فسار الليل والنهار حتى وطئوا بلاد بلي ودوخها، وكلما انتهى إلى موضع بلغه أنه قد كان بهذا الموضع جمع، فلما سمعوا به تفرقوا حتى انتهى إلى أقصى بلاد بلي وعذرة وبلقين، في آخر ذلك جمعاً ليس بالكثير، فتقاتلوا ساعة وتراموا بالنبل، ورمي يومئذ عامر بن ربيعة بسهم فأصيب ذراعه، وحمل المسمون عليهم فهربوا وأعجزوا هرباً في بالبلاد وتفرقوا، ودوخ عمرو ما هناك، وأقام أياماً لا يسمع لهم بجمع ولا بمكان صاروا فيه، وكان يبعث أصحاب الخيل فيأتون بالشاء والنعم، وكانوا ينحرون ويذبحون، فلم يكن في ذلك أثر من ذلك. لم يكن غنائم تقسم إلا ما لا ذكر له.

وفي بعض روايات هذا الخبر: حتى إذا كان على ماء بأرض جذام يقال لها السلاسل، فبذلك سميت هذه الغزوة: ذات السلاسل.

وفي هذه الرواية أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إني لأؤمر الرجل على القوم فيهم من هو خير منه، لأنه أيقظ عيناً، وأبصر بالحرب.

وفي رواية: أن أبا عبيدة لما أطاع عمرو بن العاص وجد عمر من ذلك وقال: أتطيع ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>