عن حماد بن إسحاق بن إبراهيم الموصلي، قال: قال لي أبي: قلت ليحيى بن خالد، أريد أن تكلم لي سفيان بن عيينة ليحدثني بأحاديث؛ فقال: نعم، إذا جاءنا فأذكرني.
قال: فجاءه سفيان، فلما جلس أومأت إلى يحيى، فقال: يا أبا محمد، إسحاق بن إبراهيم من أهل العلم والأدب، وهو مكره على ما تعلمه منه.
فقال سفيان: وما تريد بهذا الكلام؟ قال: تحدثه بأحاديث؛ قال: فكره ذلك، فقال يحيى: أقسمت عليك إلا فعلت؛ قال: نعم، فليبكر إلي.
قال: فقلت ليحيى: افرض لي عليه شيئاً؛ فقال له: يا أبا محمد، افرض له شيئاً؛ قال: قد جعلت له خمسة أحاديث؛ قال: زده؛ قال: قد جعلتها سبعة؛ قال: هل لك أن تجعلها عشرة؟ قال: نعم.
قال إسحاق: فبكرت إليه، واستأذنت ودخلت وجلست بين يديه، فأخرج كتابه فأملى علي عشرة أحاديث، فلما فرغ قلت له: يا أبا محمد، إن المحدث يسهو ويغفل وإن المحدث أيضاً كذلك، فإن رأيت أقرأ عليك ما سمعته منك؛ قال: اقرأ فديتك؛ فقرأت عليه.
وقلت له أيضاً: إن القارئ ربما أغفل طرفه الحرف، والمقروء عليه ربما ذهب عنه الحرف، فأنا في حل أن أروي جميع ما سمعته منك؟ قال: نعم، فديتك، أنت والله فوق أن تستشفع أو يشفع لك، فتعال كل يوم، فلوددت أن أصحاب الحديث كانوا مثلك.
وعن إسحاق بن إبراهيم الموصلي، قال: جئت أبا معاوية الضرير، ومعي مئة حديث أريد أن أقرأها عليه، فوجدت في دهليزه رجلاً ضريراً، فقال: إنه قد جعل الإذن عليه اليوم إلي لينفعني، وأنا رجل جليل؛ فقلت له: معي مئة حديثٍ، وأنا أهب لك مئة درهم؛ فقال: قد رضيت.