والحجاز وبالجبال وغيرها من البلاد، وحدث بخراسان إلى غزنة، وبلاد الهند وبجرجان وآمل وطبرستان والثغور، وبالشام وبيت المقدس والحجاز، وأكثر الناس السماع منه، ورزق العز والجاه في الدين والدنيا، وكان جمالاً للبلد، زيناً للمحافل والمجالس، مقبولاً عند الموافق والمخالف، مجمعاً على أنه عديم النظير، وسيف السنة ودامغ أهل البدعة.
وكان أبوه أبو نصر من كبار الواعظين بنيسابور، ففتك به لأجل التعصب والمذهب، فقتل، وهذا الإمام صبي بعد حول سبع سنين، وأقعد بمجلس الوعظ مقام أبيه، وحضر أئمة الوقت مجالسه، وأخذ الإمام أبو الطيب الصعلوكي في تربيته وتهيئه أسبابه، وكان يحضر مجالسه ويثني عليه، وكذلك سائر الأئمة كالأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني، والأستاذ الإمام أبي بكر بن فورك وسائر الأئمة، ويتعجبون من كمال ذكائه وعقله، وحسن إيراده الكلام، وحفظه للأحاديث، حتى كبر وبلغ مبلغ الرجال، ولم يزل يرتفع شأنه حتى صار إلى ما صار إليه، وهو في جميع أوقاته مشتغل بكثرة العبادات ووظائف الطاعات، بالغ في العفاف والسداد وصيانة النفس، معروف بحسن الصلاة وطول القنوت، واستشعار الهيبة حتى كان يضرب به المثل، وكان محترماً للحديث.
وعن بعض من يوثق بقوله من الصالحين، أنه قال: ما رويت خبراً ولا أثراً في المجلس إلا وعندي إسناده، وما دخلت بيت الكتب قط إلا على طهارة، وما رويت الحديث ولا عقدت المجلس ولا قعدت للتدريس قط إلا على الطهارة.
أنشد أبو علي نصر الله بن أحمد بن عثمان الخشنامي، قال: أنشدني والدي لنفسه من قصيدة أنشأها في مدح شيخ الإسلام، ويهنئه بالقدوم من الحج: من الكامل