وعن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوها في البيوت، فسأل أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأنزل الله تعالى:" يسألونك عن المحيض " إلى آخر الآية؛ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" اصنعوا كل شيء إلا النكاح " فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه؛ فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقالا: يا رسول الله، إن اليهود قالت كذا وكذا، أفلا يجامعوهن، فتغير وجه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى ظننت أن قد وجد عليهما، فخرجا، فاستقبلتهما هدية من لبن إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأرسل في آثارهما فسقاهما، فعرفا أن لم يجد عليهما.
عن عائشة، أنها قالت: كان أسيد بن حضير من أفاضل الناس، فكان يقول: لو أني أكون كما أكون في حال من أحوال ثلاثة لكنت من أهل الجنة، وما شككت في ذلك، حين أقرأ القرآن وحين أسمعه؛ وإذا سمعت خطبة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وإذا شهدت جنازة، فما شهدت جنازة قط فحدثت نفسي بسوى ما هو مفعول بها وما هي صائرة إليه.
وعن أسيد بن حضير وكان من أحسن الناس صوتاً بالقرآن قال:
قرأت ليلة سورة البقرة، وفرس لي مربوط، ويحيى ابني مضطجع قريب مني وهو غلام، فجالت الفرس فوقفت وليس لي هم إلا ابني، ثم قرأت فجالت الفرس فوقفت وليس لي هم إلا ابني، ثم قرأت فجالت الفرس فرفعت رأسي فإذا شيء كهيئة الظلة فيها مثل المصابيح مقبل من السماء، فهالني، فسكت؛ فلما أصبحت غدوت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته، فقال:" اقرأ أبا يحيى " فقلت: قد قرأت فجالت الفرس وليس لي هم إلا ابني فقال: اقرأ يا ابن حضير " فقلت قد قرأت فرفعت رأسي فإذا كهيئة الظلة فيها المصابيح فهالني؛ فقال: " تلك الملائكة دنوا لصوتك، ولو قرأت حتى تصبح لأصبح الناس ينظرون إليهم ".