تمرخت به، ثم خرجت، فعصبت رأسي بعصابة، وأخذت قصبة، واتكأت عليها، فأتيته وهو في بيتٍ مظلم، فقال لي: أشعب؟ فقلت: نعم، جعلني الله فداك، ما رفعت جنبي من الأرض منذ شهرين.
قال: وسالم في البيت، وأنا لا أعلم، فقال لي سالم: ويحك يا أشعب.
قال: فقلت لسالم: نعم جعلني الله فداك، منذ شهرين ما رفعت ظهري من الأرض.
قال: فقال سالم: ويحك يا أشعب، قال: فقلت: نعم جعلني الله فداك، مريض منذ شهرين ما خرجت، قال: فغضب سالم وخرج، فقال لي عبد الله بن عمرو: ويحك يا أشعب، ما غضب خالي إلا من شيء؟ قال: قلت: نعم جعلت فداك، غضب من أني أكلت عنده اليوم جفنةً من هريسة.
قال: فضحك عبد الله وجلساؤه، وأعطاني ووهب لي.
قال: فخرجت فإذا سالمٌ بالباب، فلما رآني، قال: ويحك يا أشعب، ألم تأكل عندي؟ قال: قلت: بلى، جعلت فداك.
قال: فقال سالم: والله لقد شككتني.
قال الشافعي: مر أشعب، فولع به الصبيان، فأراد أن يفرقهم عنه.
فقال: بمنزل فلانٍ الساعة يقسم الجوز، فأسرع الصبيان إلى المنزل الذي قال لهم، فلما رآهم مسرعين أسرع معهم.
قال أبو عاصم: أخذ بيدي أبن جريج، فأوقفني على أشعب الطامع، فقال له: حدثه على ما بلغ من طمعك.
قال: بلغ من طمعي أنه ما زفت امرأة بالمدينة إلا كنست بيتي رجاء أن تهدى إلي.
قال الهيثم بن عدي: مر أشعب الطماع برجلٍ وهو يتخذ طبقاً، فقال: اجعله واسعاً لعلهم يهدون إلينا فيه.
قال الضحاك بن مخلد: كنت يوماً أريد منزلي، فالتفت فإذا أشعب قدامي فقلت له: ما لك يا أشعب، قال: يا أبا عاصم، رأيت قلنسوتك قد مالت، فتبعتك، قلت: لعلها تسقط فآخذها، قال: فأخذتها عن رأسي فدعتها إليه، وقلت له: انصرف.