فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا أخا بني دارم، لقد كنت غنياً أن يذكر منك ما كنت ظننت أن الناس قد نسوه ".
فكان قول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشد عليهم من قول حسان إذ يقول:
هبلتم، علينا تفخرون وأنتم ... لنا خولٌ من بين ظئرٍ وخادم
ثم رجع حسان فقال:
وأفضل ما نلتم من المجد والعلا ... ردافتنا من بعد ذكر الأكارم
فإن كنتم جئتم لحقن دمائكم ... وأموالكم أن تقسموا في المقاسم
فلا تجعلوا لله نداً وأسلموا ... ولا تفخروا عند النبي بدارم
وإلا ورب البيت مالت أكفنا ... على روسكم بالمرهفات الصوارم
فقام الأقرع بن حابس فقال لأصحابه: يا هؤلاء، ما أدري ما هذا؟! قد تكلم خطيبهم فكان خطيبهم أحسن قولاً وأعلى صوتاً، وتكلم شاعرهم فكان شاعرهم أحسن قولاً وأعلى صوتاً.
ثم دنا إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وآمن هو وأصحابه.
فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يضرك ما كان قبل هذا اليوم ".
ولما قدم وفد بني تميم على سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال أبو بكر: يا رسول الله استعمل عليهم القعقاع بن زرارة فإنه سيد القوم وأفضلهم.
فقال عمر: يا رسول الله استعمل عليهم الأقرع بن حابس فإنه سيد القوم وأفضلهم.
فقال أبو بكر: والله ما أردت بهذا إلا خلافي! قال: ما أردت خلافك ولكني رأيت ذلك.
قال: فتماريا في ذلك حتى ارتفعت أصواتهما، فأنزل الله تعالى: هاتين الآيتين: " يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله " إلى قوله " لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي " الآية كلها.
قال: فكانا لا يحدثانه حديثاً إلا استفهمه مراراً.