لهم اليسع بن خطوب، وليس باليسع الذي يقال له الخضر، وذلك ابن عاميا، وكان هذا غلاماً يتيماً من بني إسرائيل، آوت أمه إلياس وأخفت أمره، وكان اليسع به ضرٌّ، فدعا الله له فعافاه من الضر الذي كان به، واتبع إلياس وآمن به وصدقه ولزمه، فذهب حيثما ذهب، فلما أمسك الله عنهم القطر، أرسل إلياس اليسع إلى الملك فقال: قل له إن إلياس يقول لك: إنك اخترت عبادة البعل على عبادة الله، واتبعت عتاة قومك هؤلاء الكذبة الذين يزعمون أنهم أنبياء، واتبعت هوى امرأتك الخبيثة التي خانتك وأهلكتك، فاستعد للعذاب والبلاء.
قال: وأمسك الله عنهم القطر حتى هلكت الماشية والدواب والهوام، وجهد الناس جهداً شديداً، وخرج إلياس شفقاً على نفسه حين دعا عليهم.
فانطلق اليسع، فبلغ رسالته الملك، فعصمه الله من شر الملك، ولحق بإلياس.
فانطلق إلياس حتى أتى ذروة جبل، فكان الله يأتيه برزقه، وفجر له عيناً معيناً لشرابه وطهوره، حتى أصاب الناس الجهد، فأكلوا الكلاب والجيف والعظام، فأرسل الملك إلى السبعين، فقال لهم: سلوا البعل أن يفرج ما بنا.
قال: فأخرجوا أصنامهم، فقربوا لها الذبائح، وعكفوا عليها، وجعلوا يدعون حتى طال ذلك عليهم، فقال لهم الملك: إن إله إلياس كان أسرع إجابةً من هؤلاء.
فبعثوا في طلب إلياس ليدعو لهم، فلم يجبهم، فغار ماؤه، فقال: يا رب، غار مائي، فأوحى الله إليه أني قد أهلكت خلقاً كثيراً، لم أرد هلاكهم بخطايا بني إسرائيل.
فقال إلياس: أي ربٍّ، دعني أنا أكون الذي أدعو لهم لعلهم يرجعون، فقيل له: نعم فأتى بني إسرائيل فقال لهم: أتحبون أن تعلموا أن الله عليكم ساخط، وإنما حبس عنكم المطر للذي أنتم عليه، فأخرجوا أوثانكم التي تعبدونها، وتزعمون أنها خير مما أدعوكم إليه، فادعوها هل تستجيب لكم؟ وإلا دعوت ربي يفرج عنكم، فقالوا: نفعل، فأخرجوا أوثانهم، فجعلت الكذبة تدعو وتتضرع، ويدعو إلياس معهم، فلا يستجاب لهم، فقالوا: يا إلياس ادع لنا ربك، قال: فدعا إلياس ربه أن يفرج عنهم، فارتفعت سحابة مثل الترس وهم ينظرون، حتى ركزت عليهم، ثم أدحيت، ثم أرسل الله عليهم المطر فأغاثهم.
فقال الحسن: فتابوا وراجعوا.
وقيل تمادوا بعد ذلك، فلما رأى ذلك إلياس دعا ربه أن يريحه منهم، فقيل له: انظر يوم كذا وكذا، فإذا رأيت دابة لونها مثل لون النار فاركبها، فجعل يتوقع ذلك اليوم، فإذا هو بشيء قد أقبل على صورة فرس لونه كلون النار، حتى وقف بين يديه،