وعن أسامة بن زيد: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره بأن يغير على أهل أبنى صباحاً وأن يحرق. قالوا: ثم قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأسامة: امض على اسم الله. فخرج بلواثه معقوداً، فدفعه إلى بريدة بن الحصيب الأسلمي، فخرج به إلى بيت أسامة، وأمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسامة فعسكر بالجرف، وضرب عسكره في موضع سقاية سليمان اليوم، وجعل الناس يؤخذون بالخروج إلى العسكر، فيخرج من فرغ من حاجته إلى معسكره ومن لم يقض حاجته فهو على فراغ، ولم يبق أحد من المهاجرين الأولين إلا انتدب في تلك الغزوة: عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة، وسعيد بن أبي وقاص، وأبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، في رجال من المهاجرين. والأنصار عدة: قتادة بن النعمان، وسلمة بن أسلم بن حريش.
فقال رجال من المهاجرين، وكان أشدهم في ذلك قولاً عياش بن أبي ربيعة: يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين؟ فكثرت القالة في ذلك، فسمع عمر بن الخطاب بعض ذلك القول، فرده على من تكلم به، وجاء إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره بقول من قال، فغضب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غضباً شديداً، فخرج قد عصب رأسه عصابة وعليه قطيفة ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس، فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة؟! والله لئن طعنتم في إمارتي أسامة لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله، وأيم الله، إن كان للإمارة لخليق، وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي. وإن هذا لمن أحب الناس إلي، وإنهما لمخيلان لكل خير، فاستوصوا به خيراً، فإنه من خياركم، ثم نزل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدخل بيته، وذلك يوم السبت لعشر ليال خلون من ربيع الأول.
وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيهم عمر بن الخطاب، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: أنفذوا وبعث أسامة. ودخلت أم أيمن فقالت: أي رسول الله، لو تركت أسامة يقيم في معسكره حتى تماثل، فإن أسامة إن خرج على حاله هذه لم ينتفع بنفسه، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنفذوا بعث أسامة، فمضى الناس إلى المعسكر، فباتوا ليلة الأحد. ونزل أسامة يوم الأحد، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثقيل مغمور وهو