وقال إسماعيل بن عبيد الله: إنه حضر أنس بن مالك عند الوليد بن عبد الملك سنة ثنتين وتسعين، ومات أنس بالبصرة سنة ثلاث وتسعين، وقيل: سنة ثنتين وتسعين، وهو آخر من مات بالبصرة من أصحاب سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقيل: كان يوم مات ابن تسع وتسعين سنة، وأمه أم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن مالك بن النجار، وقيل: اسمها مليكة بنت ملحان، وأمها الرميصاء.
قال قتاده: لما مات أنس بن مالك رضي الله عنه قال مورق: ذهب اليوم نصف العلم، قيل: كيف ذلك يا أبا المعتمر؟ قال: كان الرجل من أهل الأهواء إذا خالفنا في الحديث قلنا: تعالى إلى من سمعه من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
روى الزهري عن أنس قال: قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة وأنا ابن عشر سنين، وتوفي وأنا ابن عشرين سنة، كون أمهاتي يحثثنني على خدمته، فدخل علينا دارنا فاستقينا من بئرنا وحلبنا له من شاة لنا داجن، فناولته فشرب، وعن يمينه أعرابي وعن يساره أبو بكر، فشرب ثم أعطى الأعرابي وقال:" الأيمن فالأيمن ".
وحدث سعيد بن المسيب عن أنس بن مالك قال:
قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة وأنا ابن ثمان سنين، فأخذت أمي بيدي وانطلقت بي إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: يا رسول الله إنه لم يبق رجل ولا امرأة من الأنصار إلا قد أتحفتك بتحفة، وإني لا أقدر على ما أتحفك به إلا ابني هذا، فخذه فليخدمك ما بدا لك.
فخدمت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عشر سنين، فما ضربني ضربة، ولا سبني سبة، ولا انتهرني، ولا عبس في وجهي، فكان أول ما أوصاني به أن قال:" يا بني اكتم سري تك مؤمناً ".
فكانت أمي وأزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسألنني عن سر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا أخبرهم به، وما أنا مخبر بسر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحداً أبداً.
وقال:" يا بني عليك بإسباغ الوضوء يحبك حافظاك ويزد في عمرك، ويا بني بالغ في الاغتسال من الجنابة فإنك تخرج من مغتسلك وليس عليك ذنب ولا خطيئة ".