للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نشهد أنك أويس القرني فاستغفر لنا يغفر الله لك، قال: ما أخص باستغفاري نفسي ولا أحداً من ولد آدم، ولكنه في البر والبحر في المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، يا هذان قد شهر الله لكما حالي وعرفكما أمري فمن أنتما؟ فقال علي: أنا علي بن أبي طالب وهذا عمر أمير المؤمنين، فاستوى أويس قائماً، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فجزاكما الله عن هذه الأمة خيراً، وقالا: وأنت فجزاك الله عن نفسك خير الجزاء، فقال عمر: رحبك حتى ندخل مكة فآتيك بنفقة من عطائي وفضل كسوة من ثيابي، هذا الميعاد بيني وبينك قال: يا أمير المؤمنين لا ميعاد بيني وبينك ولا أعرفك بعد اليوم، ما أصنع بالنفقة؟ ما أصنع بالكسوة؟ أما ترى علي إزاراً من صوف ورداء من صوف؟ متى تراني أخرقهما؟ أما ترى أن نعلي مخصوفتان؟ متى ترى أبليهما؟ أما تراني أني قد أخذت من رعايتي أربعة دراهم؟ متى تراني آكلها؟ يا أمير المؤمنين إن بين يديّ ويديك عقبة كؤوداً، لا يجاوزها إلا ضامرٌ مخفف مهزول.

فأخف عني رحمك الله، فلما سمع ذلك عمر من كلامه ضرب بدرته الأرض ثم نادى بأعلى صوته: ألا ليت أن عمر لم تلده أمه، يا ليتها كانت عاقراً لم تعالج حمله، ألا من يأخذها بما فيها ولها؟ قال أويس: من جدع الله أنفه.

ثم قال: يا أمير المؤمنين خذ أنت هاهنا، وآخذ أنا هاهنا، فولى عمر ناحية مكة، وساق أويس إبله فوافى القوم إبلهم، وخلى عن الرعي، وأقبل على العبادة حتى لحق بالله.

فهذا ما أتانا عن أويس القرني سيد التابعين.

وحدث هرم بن حيان قال: قدمت الكوفة فلم يكن لي همٌّ إلا أويس القرني أطلبه وأسأل عنه، حتى سقطت عليه نصف النهار على شاطئ الفرات يتوضأ أو يغسل ثوبه، قال: فعرفته بالنعت الذي نعت لي، فإذا رجل لحيم آدم أشعر محلوق الرأس، كث اللحية، مغبر، كريه الوجه والمنظر، وعليه إزار من صوف، فسلمت عليه، فقلت: حياك الله من رجل، كيف أنت رحمك وغفر لك يا أويس؟ فقال: وأنت فحياك الله يا هرم بن حيان

<<  <  ج: ص:  >  >>