قال الأصمعي: إن إياساً وغيلان اجتمعا، فقال له بعد سؤاله عن العقل وسكوته عن جوابه، قال له: سل عن غير هذا.
فقال له إياس: أخبرني عن العلم قبل أو العمل؟ فقال غيلان: والله لا أجبتك فيها.
فقال إياس: فدعها وأخبرني عن الخلق خلقهم الله مختلفين أو مؤتلفين؟ فنهض غيلان، وهو يقول: والله لا جمعني الله وإياك مجلس أبداً.
قال الأصمعي: ومن حديث عدي أن غيلان قال لعمر: أتوب إلى الله ولا أعود إلى هذه المقالة أبداً، فدعا عليه عمر إن كان كاذباً، فأجيبت دعوته.
قال عمر بن علي: قال رجل لإياس بن معاوية: يا أبا واثلة حتى متى يتوالد الناس ويموتون؟ فقال لجلسائه: أجيبوه.
فلم يكن عندهم جواب، فقال إياس: حتى تتكامل العدتان: عدة أهل النار، وعدة أهل الجنة.
قال سفيان بن حسين: سمعت إياس بن معاوية يقول: لأن يكون في فعال الرجل فضل عن قوله أجمل من أن يكون في قوله فضل عن فعاله.
قال سفيان بن حسين: كنت عند إياس بن معاوية وعنده رجل تخوفت إن قمت من عنده أن يقع في.
قال: فجلست حتى قام فلما قام ذكرته لإياس.
قال: فجعل ينظر في وجهي ولا يقول لي شيئاً حتى فرغت فقال لي: أغزوت الديلم؟ قلت: لا، قال: غزوت السند؟ قلت: لا، قال فغزوت الهند؟ قلت: لا، قال: غزوت الروم؟ قلت: لا، قال: فسلم منك الديلم والسند والهند والروم، وليس يسلم منك أخوك هذا.
قال: فلم يعد سفيان إلى ذلك.
قال سفيان بن حسين: قال إياس بن معاوية: لابد للناس من ثلاثة أشياء.
لابد لهم من أن تأمن سبلهم، ويختار لحكمهم حتى يعتدل الحكم فيهم، وأن يقام لهم بأمر الثغور التي بينهم وبين عدوهم، فإن هذه الأشياء إذا قام بها السلطان احتمل الناس ما كان سوى ذلك من أثرة السلطان وكل ما يكرهون.