القاسم بن ربيعة الجوشني من بني عبد الله بن غطفان، ويولي القضاء أنفذهما، فقدم يجمع بينهما، فقال إياس للشامي: سل عني وعن القاسم فقيهي المصر الحسن وابن سيرين، ولم يكن إياس يأتيهما، فعلم القاسم أنه إن سألهما أشارا به، فقال للشامي: لا تسل عنه، فوالله الذي لا إله إلا هو إن إياساً أفضل مني وأفقه، وأعلم بالقضاء، فإن كنت فيمن يصدق، فينبغي لك أن تصدق قولي، وإن كنت كاذباً فما يحل أن توليني وأنا كذاب، فقال إياس للشامي: إنك جئت برجل فأقمته على جهنم، فافتدى نفسه من النار أن تقذفه فيها بيمين حلفها كذب فيها يستغفر الله عز وجل منها، وينجو مما يخاف.
فقال الشامي: أما إذ فطنت لها فإني أوليك، فاستقضاه، فلم يزل على القضاء سنة ثم هرب، وكان يفصل بين الناس، إذا تبين له الأمر حكم به.
قيل لإياس لما ولي القضاء: إنك تعجل بالقضاء.
قال إياس: كم بكفك من إصبع؟ فقال: خمسة، فقال له إياس: عجلت بالجواب، قال: لم يعجل من استيقن علماً، فقال إياس: هذا جوابي.
قال حميد الطويل: لما ولي إياس بن معاوية القضاء دخل عليه الحسن وإياس يبكي.
فقال له: ما يبكيك؟ فذكر إياس الحديث:" القضاة ثلاثةٌ، اثنان في النار، وواحد في الجنة ".
فقال الحسن: إن فيما قص الله عليك من نبأ داود وسليمان ما يرد قول هؤلاء الناس، ثم قرأ:" وداود وسليمان إذا يحكمان الحرث " إلى قوله " ففهمناها سليمان وكلاًّ آتينا حكماً وعلماً " فحمد سليمان ولم يذم داود.
وفي رواية أنه قال:" القضاة ثلاثة: رجل اجتهد وأخطأ فهو في النار، ورجل مال به الهوى فهو في النار، ورجل اجتهد فأصاب فهو في الجنة ".
قال الحسن: أخذ الله على الحكام ثلاثة: أن لا يشتروا به ثمناً، ولا يخشوا فيه الناس، وأن لا يتبعوا الهوى.
قال: ثم قرأ هذه الآية: " يا داود إنا جعلناك خليفةً في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك " وقال: "