للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطاب فقال: الحمد لله الذي يخص بالخير من يشاء من خلقه. والله ما استبقنا إلى شيء من الخير قط إلا سبقتنا إليه، " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم " قد والله أردت لقاءك بهذا الرأي الذي رأيت. فما قضى أن يكون حتى ذكرته، فقد أصبت أصاب الله فيك سبيل الرشاد، سرب إليهم الخيل في إثر الخيل، وابعث الرجال بعد الرجال، والجنود تتبعها الجنود. فإن الله ناصر دينه، ومعز الإسلام وأهله.

ثم إن عبد الرحمن بن عوف قام فقال: يا خليفة رسول الله، إنها الروم وبنو الأصفر، حد حديد وركن شديد، ما أرى أن تقحم عليهم إقحاماً. ولكن نبعث الخيل فنغير في قواصي أرضهم ثم نرجع إليك. فإذا فعلوا ذلك بهم مراراً أضروا بهم وغنموا من أدنى أرضهم فقووا بذلك على عدوهم، ثم تبعث إلى أرضي أهل اليمن وأقاصي ربيعة ومضر ثم تجمعهم جميعاً إليك، فإن شئت بعد ذلك غزوتهم بنفسك وإن شئت أغزيتهم ثم سكت وسكت الناس. قال: فقال لهم أبو بكر: ماذا ترون؟ فقال عثمان بن عفان: إني أرى أنك ناصح لأهل هذا الدين شفيق عليهم، فإذا رأيت رأيا تراه لعامتهم صلاحاً فاعزم على إمضائه، فإنك غير ظنين. فقال طلحة والزبير وسعد وأبو عبيدة وسعيد بن زيد ومن حضر ذلك المجلس من المهاجرين والأنصار: صدق عثمان، ما رأيت من رأي فأمضه، فإنا لا نخالفك، ولا نتهمك. وذكروا هذا وأشباهه، وعلي في القوم لم يتكلم. قال أبو بكر: ماذا ترى يا أبا الحسن؟ فقال: أرى أنك إن سرت إليهم بنفسك أو بعثت إليهم نصرت عليهم إن شاء الله فقال: بشرك الله بخير! ومن أين علمت ذلك؟ قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: لا يزال هذا الدين ظاهراً على كل من ناوأه حتى يقوم الدين وأهله ظاهرون. فقال: سبحان الله ما أحسن هذا الحديث. لقد سررتني به سرك الله.

ثم إن أبا بكر رضي الله عنه قام في الناس فذكر الله بما هو أهله وصلى على نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قال: أيها الناس، إن الله قد أنعم عليكم بالإسلام، وأكرمكم بالجهاد وفضلكم بهذا الدين على كل دين فتجهزوا عباد الله إلى غزو الروم بالشام، فإني مؤمر عليكم أمراء، وعاقد لكم، فأطيعوا ربكم ولا تخالفوا أمراءكم لتحسن نيتكم وشربكم وأطعمتكم. ف " إن الله مع الذين

<<  <  ج: ص:  >  >>