قد خشيت على ديني، وهذه بيعةٌ ضلالة.
فقالت له: أرى أن تبايع، فقد أمرت ابني عمر بن أبي سلمة أن يبايع، فخرج جابر بن عبد الله فبايع بسر بن أرطاة لمعاوية.
وهدم بسر دوراً كثيرة بالمدينة، ثم خرج حتى أتى مكة، فخافه أبو موسى الأشعري وهو يومئذٍ بمكة، فتنحى عنه، فبلغ ذلك بسراً فقال: ما كنت لأوذي أبا موسى، ما أعرفني بحقه وفضله! ثم مضى إلى اليمن، وعليها يومئذٍ عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب عاملاً لعلي بن أبي طالب، فلما بلغ عبيد الله أن بسراً قد توجه إليه هرب إلى علي، واستخلف عبد الله بن عبد المدان المرادي.
وكانت عائشة بنت عبد الله بن عبد المدان قد ولدت من عبيد الله غلامين من أحسن صبيان الناس وأوضئه وأنظفه، وهما عبد الرحمن وقثم، فذبحهما ذبحاً.
وكانت أمهما قد هامت بهما وكادت تخالط في عقلها.
وكانت تنشدهما في الموسم في كل عام تقول: " من البسيط "
ها من أحسن بنييّ اللذين هما ... كالدرتين تجلى عنهما الصدف
ها من أحسن بنييّ اللذين هما ... سمعي وقلبي فقلبي اليوم مختطف
ها من أحسن بنييّ اللذين هما ... مخ العظام فمخي اليوم مزدهف
حدثت بسراً وما صدقت ما زعموا ... من قولهم ومن الإفك الذي وصفوا
أنحى على ودجي إبنيّ مرهفةً ... مشحوذةً وكذاك الإثم يقترف
من ذا لوالهةٍ حرى مفجعةٍ ... على صبيين ضلاّ إذ غدا السلف
قال: فلما بلغ علياً رضي الله عنه مسير بسرٍ وما صنع، بعث في عقب بسر بعد منصرفه من الشام جارية بن قدامة السعدي؛ فجعل لا يلقى أحداً خلع علياً إلا قتله وأحرقه بالنار حتى انتهى إلى اليمن؛ فلذلك سمت العرب جارية بن قدامة محرقاً.
قال أبو سعيد بن يونس: ويقال: إن أم عبد الرحمن وقثم ابني عبيد الله بن العباس جويرية بنت قارظ