والله يا أيوب ما صليت ألف ركعة مكاناً واحداً، ولا واصلت ثلاثاً قط، إلا أني أحدثك عن بدء أمري.
قلت: نعم، فقال: دعاني رجل من أهل الربض؛ فبينما أنا أمضي إليه رأيت قرطاساً على وجه الأرض، فيه اسم الله تعالى؛ فأخذته ونزلت إلى النهر، فغسلته وكنت لا أملك من الدنيا إلا درهماً فيه خمسة دوانيق، فاشتريت بأربعة دوانيق مسكاً وبدانقٍ ماء ورد؛ وجعلت أتتبع اسم الله تعالى فأطيبه.
ثم رجعت إلى منزلي فنمت؛ فأتاني آتٍ في منامي فقال لي: يا بشر، كما طيبت اسمي لأطيبن ذكرك، وكما طهرته لأطهرن قلبك.
قال بشر بن الحارث: أتيت باب المعافى بن عمران، فدققت الباب، فقيل لي: من؟ فقلت بشر الحافي.
فقالت لي بنيةٌ من داخل الدار: لو اشتريت نعلاً بدانقين لذهب عنك اسم الحافي.
قال أبو الحسن للحسن بن عمرو: سمعت بشراً وجاء إليه أصحاب الحديث يوماً وأنا حاضر، فقال لهم بشر: ما هذا الذي أرى معكم قد أظهرتموه؟ قالوا: يا أبا نصر، نطلب هذه العلوم، لعل الله ينفع بها يوماً.
قال: علمتم أنه يجب عليكم فيها زكاة كما يجب على أحدكم إذا ملك مائتي درهم: خمسة دراهم؛ فكذلك يجب على أحدكم إذا سمع مائتي حديث أن يعمل منها بخمسة أحاديث؛ وإلا فانظروا أيش يكون عليكم هذا غداً.
قال البيهقي: لعله أراد من الأحاديث التي وردت في الترغيب في النوافل؛ وأما في الواجبات فيجب العمل بجميعها.
حدث قاسم بن إسماعيل بن علي قال: كنا بباب بشر بن الحارث، فخرج إلينا فقلنا: يا أبا نصر، تحدثنا؟ فقال: أتؤدون زكاة الحديث؟ قال: قلنا: يا أبا نصر وللحديث زكاة؟ قال: نعم، إذا سمعتم عملاً أو صلاة أو تسبيحاً استعملوه.