كنيسة اليهود صبياناً يتعلمون الكتابة في قرية من قرى عين التمر يقال لها نقيرة. وكان فيهم حمران بن أبان مولى عثمان، وقتل هلال بن عطية بن بشر النمري وصلبه. ثم سار ففوز من قراقر وهو ماء لكلب إلى سوى وهو ماء لبهراء بينهما خمس ليلا، فلم يهتد الطريق، فطلب دليلاً فدل على رافع بن عميرة الطائي، فأتاه رافع فاستدله على الطريق فقال: أنشد الله في نفسك وجيشك، فإنها مفازة خمس ليال ليس فيها ماء مع مضلتها، وإن الراكب المنفرد يسلكها فيخاف على نفسه التهلكة، وما يسلكها إلا مغرور. ما علمت رأيك ونصيحتك. ومرنا بأمرك. قال رافع: فابغني عشرين من الإبل سمان عظام، فأتي بهن فظمأهن حتى جهدن، فأوردها الماء فشربن حتى تملأن ثم أمر بمشافرها فقطعن ثم كعمهن كيلا تجتررن، ثم حل أذنابهن، ثم قال لخالد: تزود واحمل من أطاق أن يصر على أذن ناقته ماء فليفعل فإنها المهالك، ففعل، وساروا فسار معهم وسار خالد معه بالخيول والأثقال. فكلما سار يوماً وليلة اقتطع منهن أربعة فأطعم لحمانها. وسقى ما في أكراشها الخيل، وشرب الناس ما كانوا حملوا. وبقي منزل واحد ونفدت الإبل وخشي خالد على أصحابه في آخر يوم، فأرسل خالد إلى رافع أن الإبل قد نفدت فما ترى؟ قال: قد انتهيت إلى الري فلا بأس عليك. اطلبوا شجرة بمثل قعدة الرجل، فعندها الماء. ورافع يومئذ رمد، فطلبوها فلم يصيبوها فرجعوا إلى رافع، فقالوا: إنا لم نصبها، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون. هلكتم وهلكت لا أبا لكم. اطلبوها فطلبوها فأصابوها قد قطعت الشجرة وقد بقي منها بقية، فكبر وكبر الناس. فقال: احتفروا فاحتفروا عيناً عذبة مروية، فتزودوا وسقوا وحملوا. فقال رافع: إن هذه المفازة ما سلكتها قط إلا مرة واحدة مع أبي وأنا غلام.
وفي رواية: فقال رافع. والله ما وردت هذا الماء مذ ثلاثين سنة. فقال شاعر من المسلمين: قيل هو أبو أحيحة القرشي: من الرجز
لله عينا رافع أن (ى اهتدى ... فوز من قراقر إلى سوى
خمساً إذا ما سارها الجبس بكى ... ما سارها من قبله إنس يرى